نص كلمة د. المشهداني في اجتماعات مجمع المجالس البرلمانية الاسيوية للسلام المنعقد في العاصمة الايرانية طهران
التقى السيد رئيس مجلس النواب د. محمود المشهداني على هامش مشاركته في اجتماعات مجمع المجالس البرلمانية الاسيوية للسلام المنعقد في العاصمة الايرانية طهران بعدد من نظراءه في القارة، الاشقاء منهم والاصدقاء وبحث معهم الاوضاع في العراق داعيا اياهم الى مساندة الشعب العراقي في مواجهته للقوى الارهابية القادمة من خلف الحدود ومساعدته لتجاوز محنته ودعم المسار السياسي والسلمي لاستباب الاوضاع في البلاد.
وفيما يأتي نص كلمة د. المشهداني في المؤتمر:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الرحمة والسلام محمد بن عبد الله وعلى اله الطيبين الطاهرين وصحبه الاخيار
سيادة الرئيس
السادة رؤساء برلمانات الدول الاسيوية
السادة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يطيب لي في البدء ان اتوجه بالشكر لجمهورية ايران الاسلامية على استضافتها المؤتمر السابع لمجمع المجالس البرلمانية الاسيوية للسلام واعبر عن تقديري البالغ لمجلس الشورى الاسلامي الايراني لحسن التنظيم وتوفير الاجواء المناسبة لنجاح المؤتمر وتحقيق اهدافه. واعرب عن اشادتي بفكرة تنظيم المؤتمر لان العالم يتجه نحو اعتماد سياسة التكتلات الاقليمية والقارية من جهة ولحاجة القارة الاسيوية لمثل هذه اللقاءات والمؤتمرات ذات التوجهات والاهداف الشاملة لجميع دول اسيا والعمل الجماعي المشترك في التصدي ومعالجة التحديات والمشاكل التي تواجه شعوب ودول القارة عبر تنسيق المواقف ووضع سياسات برلمانية موحدة تحقق مصالح شعوبنا وترتقي بقارتنا الى مستوى مرموق يتناسب وثقلها الحضاري والتأريخي وموقعها واهميتها الستراتيجية من جهة اخرى. وكم هو جميل لو تمكنا من تحويل فكرة انشاء برلمان اسيوي موحد الى حقيقة ملموسة، لان العديد من الاهداف سيسهل تحقيقها عندئذ. كما ويسرني ان اتقدم ونيابة عن اعضاء مجلس النواب العراقي بأصدق عبارات التهاني بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس برلمان جمهورية ايران الاسلامية الصديقة معربا عن تقديري واعتزازي العاليين بالتجربة البرلمانية الايرانية ودورها في ضمان مصالح الشعب الايراني.
يتعرض الشعب العراقي يوميا ومنذ ثلاثة سنوات الى عمليات قتل وحشية جماعية ترتكبها عصابات اجرامية وقوى ارهابية بحق جميع مكوناته واطيافه وطوائفه، بوسائل وطرق شتى منها ما يستهدف الحياة مباشرة وبصور ووسائل بشعة تقشعر منها الابدان وتنفطر لها القلوب وتلعنها الاديان ومنها ما يلجأ الى خنقها بتدمير وتخريب اسباب ديمومتها ورفاهيتها عبر ضرب المؤسسات الخدمية والانتاجية ومصادر الثروات ونشر الفوضى والخوف وغيرها من الوسائل الاجرامية التي يصعب تخيلها او التفكير فيها. وبالرغم من صعوبة الاوضاع واستحالة الحياة والحال كذلك الا ان عزيمة العراقيين وتصميمهم على المضي قدما نحو بناء دولتهم الحديثة على اسس ديمقراطية ووفقا للقيم العالمية المعاصرة التي تضمن عدم استبداد الانظمة الحاكمة واحتكار السلطة لحساب فئة او مجموعة ما وتضمن انتقال السلطة بطريقة سلمية، دفعتهم لتحدي اعداءهم والتصدي لهم والوقوف بوجه المجاميع الارهاببية. لقد تمكن العراقيون من تنظيم وخوض ثلاث تجارب انتخابية في سنة واحدة وكتابة دستور دائم للبلاد ينص على احترام حقوق الانسان والحريات العامة وعدم المساس بها وضمان حرية التعبير والصحافة وتشكيل الاحزاب والانفتاح الاقتصادي ونبذ ثقافة العنف واللجوء الى القوة وتشجيع لغة الحوار والتفاعل الحضاري والتزام الطرق السلمية في حل المشاكل. وبناء على مراحل وتوقيتات العملية السياسية توجه الشعب العراقي الى صناديق الاقتراع في الخامس عشر من شهر كانون الاول سنة 2005 لتشكيل حكومة دائمة وانهاء الحالة المؤقتة والانتقالية التي تلت اسقاط نظام صدام، وبموجبها جرى تشكيل اول برلمان منتخب بطريقة دستورية خولته تشكيل حكومة وحدة وطنية وفقا لبرنامج سياسي اتفقت عليه جميع القيادات والقوى السياسية الفائزة بمقاعد البرلمان. واستكمالا للنهج الوطني وادراكا لحجم التحديات التي تعصف بالبلاد وتعيق تقدمها واستقراراها فقد تم طرح مشروع الحوار والمصالحة الوطنية الذي تبناه مجلس النواب بموافقة ودعم جميع قيادات الكتل النيابية في المجلس وتم تخويل الحكومة بتنفيذه وانضاجه بهدف اشراك جميع العراقيين في ادارة وبناء بلادهم دون استثناء او تهميش لاحد.
ان ما تحقق في بلدي بمدة وجيزة مدعاة للفخر والاعتزاز بعد عقود طويلة من حكم الانظمة الشمولية غير ان الطريق مازالت طويلة امامنا للوصول الى جميع اهدافنا وتحقيق الاستقرار والسلام لبلادنا، فالتحديات والمشاكل التي يعاني منها شعبي عديدة ويقف في مقدمتها التحدي الامني باثاره السلبية وتداعياته الخطيرة على جميع مرافق الحياة ، فقد تعطلت مشاريع الاعمار وخطط التنمية وانتشرت البطالة وارتفع مؤشر الوفيات. وأود التأكيد هنا على مسألة جد هامة وهي ان العراقيين يخوضون حربهم ضد الارهاب نيابة عن العالم مما يقتضي تكاتف الاشقاء والاصدقاء والمجموعة الدولية برمتها لمساعدة الشعب العراقي ودعم صموده والاسراع في تقديم اسباب انتصاره والا فان نجاح القوى الارهابية في العراق وافشالها للمشروع الوطني العراقي لاقدر الله سيؤدي الى الاضرار بمصالح جميع دول المنطقة وعدم استقرارها ونشر الفوضى في العالم وضرب قيم المنظومة الدولية المعاصرة. كما اود الاشارة الى ان العراق بلد مهم وغني بالموارد والطاقات البشرية ويتمتع بمكانة تأريخية وحضارية مرموقة ويحتل موقعا ستراتيجيا مهما ولاتستطيع الاسرة الدولية او أي جهة اغفال حجمه ودوره او الاستغناء عنه، وسوف لن ينسى من وقف معه في محنته وساعده على تجاوزها ومن وقف في الضد منه واعان اعداءه عليه.
في الوقت الذي اناشدكم وادعوكم بصدق لدعم ومساعدة العراق لتجاوز محنته والتخلص من الوباء المستشري فيه والمتمثل بالعنف والارهاب وضمان عدم انتشاره للدول الشقيقة والصديقة المجاورة للعراق كجزء من التزاماتكم الاخلاقية ودوركم في مواجهة ومعالجة بؤر التوتر والصراع التي تشهدها القارة الاسيوية، اؤكد دعم مجلس النواب العراقي ومساهمته بفاعلية في أي فكرة اومشروع يقود الى تفعيل دور القارة في تحقيق الاستقرار والرفاهية لشعوبها وتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي والتنموي والتكنلوجي بين دولها وانهاء حالات الصراع والعنف التي تعاني منها بعض الدول ووضع المعالجات لمصادر التوتر بين دول القارة وبالشكل الذي يُمكنها من المساهمة الجادة في حل المشاكل التي تواجه العالم ونشر السلام فيه وبما يسهم في تعزيز دور ومكانة القارة بين اعضاء الاسرة الدولية وبالشكل الذي يليق بتاريخ وحضارة القارة.
اجدد شكري للجمهورية الاسلامية الايرانية حكومة وشعبا على استضافتها للمؤتمر متمنيا لها دوام الاستقرار والازدهار وللمجتمعين الموفقية والسداد والخروج بتوصيات ومقررات تنسجم وتحقق اهداف وغايات مؤتمرنا. وادعو الله تعالى ان يحفظ الجميع وان تتكرر مثل هذه اللقاءات التي تتحقق بها مصالح الشعوب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.