كلمة الشيخ خالد العطية النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي في الذكرى السنوية للتشكيل البرلمان العربي الذي عقد في القاهرة

بسم الله الرحمن الرحيم
السيد محمد جاسم الصقر رئيس البرلمان العربي
السيدات والسادة الاعضاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

اسمحو لي في البدأ ان اعرب لكم عن سروري البالغ للمشاركة في هذا المحفل الكريم ، كما يسرني ان انقل لكم تحيات الاخوة والاخوات اعضاء مجلس النواب العراقي ، متمنين لكم دوام التوفيق والنجاح .

 

السيدات والسادة الحضور
ينعقد اجتماعنا هذا في ظروف سياسية وامنية صعبة ومعقدة و اوضاع اجتماعية واقتصادية دقيقة انعكست تداعياتها على واقعنا بشكل مباشر ، فنحن اليوم نواجه مخاطر وتَحدياتٍ كبيرةٍ في ظلِ التَطورات المتَسارعة والمُعطَيات الجَديدة التي تلقي بِظلالها على الواقع العربي بشكل عام ، فما نشهده اليوم من اختلال سياسي وامني في العراق وفلسطين وازمة سياسية خانقة في لبنان ما هو الا نتاج لتلك التداعيات التي تتطلب منا وقفة تامل ومراجعة لتشخيص الواقع الجديد بدقة وموضوعية .

 

السيدات والسادة الحضور
اننا في العراق وفي خِضم هذه التَحَديات والتَقَلبات الكبيرة ، وبعد التحول الديمقراطي الذي شهدناه بعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق ، نَسيرُ بخطى ثابتة نحوَ  ترسيخ دعائم نظامنا السياسي الجديد الذي بنيناه على اسس تجمع بين هويتنا الوطنية وانتمائنا الى امتنا ومحيطنا وبين مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان وعلى اساس من الحكم الاتحادي الذي يتمتع فيه جمع ابناء العراق وسائر مناطقه بحقوق متساوية وفرص متكافئة .
وَفي الوقت الذي نَتَقدمُ فيه إلى الأمامِ خطوةً بَعْدَ خطوةْ ، نَحرصُ كُلَ الحِرصِ على أن تَكونَ تِلكَ الخَطَوات مَبنيةً على  وَطَنيةٍ مَتينة ، ووفق ظوابط الشرعية الدستورية والعمل على تعزيز سادتنا واستقلالنا الوطني والتحرر من كل اشكال التواجد الاجنبي على اراضينا وعلى مقدراتنا.

 

السيدات والسادة الحضور
ان المخاطر والتحديات الكثيرة والكبيرة التي واجهت شعبنا وهو يقوم باعادة بناء دولته ونظامه الساسي على الاسس السالفة الذكر لم تثنه عن تحقيق مكاسب وانجازات كبيرة وفي وقت قصير .
فلقد خرجت جموع هذا الشعب المليونية بأرادتها الحرة وفي ظل اوضاع امنية واقتصادية في غاية الصعوبة والتعقيد لتمارس حقها في انتخاب ممثليها وتضع قاعدة الشرعية للنظام السياسي الجديد في العراقي .
ولقد نجح شعبنا في توسيع دائرة المشاركة السياسية لتظم جميع مكوناته وشرائحه العرقية والدينية والطائفية ومن كل الاتجاهات والتيارات السياسية .
ولقد تجلى هذا النسيج الرائع ليرسم صورة مصغرة للعراق تحت قبة برلمانه الجديد الذي كانت له الريادة في انبثاق حكومة الوحدة الوطنية ، هذه الحكومة التي تشاركت فيها اغلب الكتل البرلمانية المُمَثِلة لشرائح المجتمع المختلفة والمؤثرة في المشهد العراقي ووفقاً للاستحقاقين الوطني والانتخابي ، وهو يلعب اليوم دوراً مهماً في دعم العملية السياسية إلى جانب ممارسته لسلطته التشريعية والرقابية .

 

سيداتي وساداتي الحضور
لقد تعرضت التجربة الديمقراطية الفتية في العراق إلى هجمة شرسة اشتركت فيها الجماعات الارهابية الظلامية التفكير ، الخارجة على ثوابت الاسلام واخلاق العروبة متحالفة مع بقايا نظام صدام البائد وفلول اجهزته القمعية المجرمة وبعض العصابات المسلحة ، التي تستهدف قتل الأبرياء وإثارة الفوضى الأمنية وتدمير البنى التحتية وسرقة اموال الدولة والناس ، وإعاقة جهود الحكومة الجبارة التي تعمل ليل نهار من اجل بناء العراق واعماره ، واتخذت من العراق مركزاً للوثوب إلى أهدافها ومخططاتها الخبيثة وتسعى لجعله ساحة لتصفية حساباتها وخوض معاركها على أرضه وبين أبناء شعبه .

 

السيدات السادة الكرام
انها لمناسبة مباركة وفرصة ثمينة ان نتوجه بالدعوة الى موقف عربي مشترك لتبني سياسات ثقافية نابعة من مصادر الفكر العربي والاسلامي الخلاق لمواجهة ثقافة العنف والقتل وكبح جماح التميز العنصري والطائفي والمذهبي وايقاف التهجير القسري للمواطنين الابرياء من مساكنهم ، وما مضامين بنود وثيقة مكة التي تظافرت على اخراجها جهود عربية واسلامية خيرة ونبيلة الا تعبير عن عطاء الهدى والخير الذي تزخر به منابع الفكر الاسلامي الخالد الداعي الى الاخاء والتسامح ونبذ الفرقة  وتحريم ازهاق الروح الانسانية اياً كان انتماءاها الا بالحق  .
وفي الوقت الذي نواجه فيه تحديات التصدي لقوى الشر تنطلق الإرادة الوطنية لتدعوا كافة أبناء العراق للمشاركة في بناء الوطن ، من خلال مبادرة المصالحة الوطنية التي أطلقها دولة رئيس الوزراء نوري المالكي ، والتي تهدف إلى لم الشمل وتقوية الاواصر والوصول إلى مشتركات وطنية تدفع باتجاه الاستقرار السياسي وخلق وضع أمني ومعيشي هادئ .
ان الشعب العراقي وهو يستنهض الجهود ويحشد الطاقات في صد الهجمات الارهابية واعمال العنف ويخوض حرباً ضروساً ضدها نيابة عن العالم والانسانية ، ويقدم في سبيل ذلك تضحيات جسام ، يتطلع الى مساندة اشقائه واصدقائه والوقوف معه في خندق واحد  لمواجهة قوى الشر والظلال ، ونحن نعلم ان استقرار الاوضاع في العراق واستتباب الامن فيه هدف لا يخص العراق وحده ، بل ستسري آثاره وانعكاساته على جميع دول المنطقة العرابية والاقليمية فقوة العراق قوة لاشقائه وجيرانه . ومن هذا المنطلق لابد لنا من ايجاد حلول عملية مشتركة من اجل ارساء اسس وطيدة لتفاهم عربي واقليمي واسع يؤسس لسلام دائم مبني على التعامل الشفاف واحترام حقوق الانسان ، ولن يكون هذا الاستقرار الا بتظافر جهود وارادات الدول العربية والدول الصديقة الساعية الى هزيمة الارهاب وتصفية بؤره وتجفيف منابعه.
ان ما تقدم يعزز رؤية العراق في ضرورة  خلق عالم عربي متكاتف ، تتكامل فيه جهود الدول العربية ويراعي حق التطور والتنمية في شتى مجالات الحياة من اجل النهوض بالواقع العربي ودفع عجلته الى الامام .
ان خطى الاصلاح واعادة البناء والتنظيم الشامل للحياة التي يسعى اليها العراق تدعونا الى الافادة منها ضمن مجالات التعاون العربي المشترك وبخاصة في تنفيذ خطط البناء والاعمار الانفجارية المزمع تنفيذها في عام 2007 . والتي تشكل ثور عمرانية كبرى ساهم في تعزيزها مجلس النواب والحكومة العراقية مؤخراً ، وذلك بتشريعهما قانون الاستثمار الجديد في العراقي بهدف تشجيع المستثمرين من غير العراقيين لتأمين رؤس اموالهم في الاستثمارات داخل العراق ومما يحقق التنمية المستدامة والتكامل الاقتصادي للعموم المنطقة العربية ومحيطها الاقليمي ، والقائمة على المشاركات الاستراتيجية المبنية على اسس التعاون والتكامل الاقتصادي بين دولنا الشقيقة بلاً عن التنافس والتزاحم فيما بينها .
ورغم الظروف العصيبة التي نمر بها والمحن التي تعصف بنا غير ان كل ذلك لم يؤثر على التزامنا بأتجاه اشقائنا وشعورنا بهموم امتنا سواء في فلسطين ولبنان او دارفور او الصومال ، حيث نتابع الاوضاع بأهتمام بالغ وحرص شديد مؤكدين على وقوفنا الى جانب اشقائنا في فلسطين من اجل الحصول على استقلالهم وبناء دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، ويؤسفنا ما يحصل من خلاف هناك بين الاشقاء والذي يؤثر سلباً على نضالهم المشروع من اجل اقامة دولتهم المستقلة ، كما اننا نأمل ان يتوصل الاشقاء في لبنان الى حل وفاقي بينهم يحقن دمائهم ويدعم وحدتهم . وندعو الى تسوية سلمية لمشكلة دارفور بالتعاون بين الحكومة السودانية والقبائل ، كما وندعو الى حل سلمي بين اشقائنا الصوماليين والحفاظ وحدة بلدهم .
السيدات والسادة الحضور
انني ومن هذا المنبر .. ادعو كافة البرلمانات العربية الى التعرف على التجربة البرلمانية في العراق وتأيدها ، ودعمها بكل السبل الممكنة ليكون البرلمان العراقي ركناً اساسياً وفعالاً داخل البرلمان العربي الساعي الى توثيق الروابط العربية واقامة نظام عربي يحقق اماني احتلال مكانتها اللائقة بين الامم واصلاح احوالها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، كما نطالب المجتمع العربي والدولي ادانة كافة الاعمال الاجرامية التي ترتكب بحق الشعب العراقي ، والوقوف موقف واضح وصريح ضد ما يحدث من قتل وتهجير واختطاف  لكي يشعر الشعب العراقي انه جزء من هذا المجتمع ولازال في حاضنة الامة العرابية والاسلامية وجزء له استحقاقه في المجتمع الدولي ، وفي هذا السياق نجدد تأكيدنا وحرصنا الشديد على وحدة العراق وصيانة سيادته واستقلاله ، كما نؤكد على حرص جميع القوى السياسية بشتى توجهاتها وانتماءاتها على بناء عراق واحد متحد يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات .واننا عازمون على دعم حكومتنا الوطنية وبسط سيادة القانون وحصر السلاح بيد الاجهزة الامنية التي تعمل في ظل القانون والدستور ، وانهاء وجوج المليشيات وكافة المظاهر المسلحة التي تهدد امن الوطن وتربك عمل الدولة
واسمحوا لي في الختام ان اتقدم لكم وبأسم الشعب العراقي بتقديم خالص التهنئة بمناسبة مرور عام واحد على تأسيس البرلمان العربي ، هذا الكيان الفتي الذي نأمل ان يكون انطلاقة حقيقية نحو توثيق الاواصر العربية وتحقيق اماني شعوبنا التي تتطلع الى الارتقاء بمستوى التطور والتنمية والازدهار .
وهي فرصة طيبة ايضا لاتقدم بالشكر والتقدير لجمهورية مصر العربية حكومة وشعباًًًً على ضيافتها لهذا المؤتمر ، ولجامعة الدول العربية وامينها العام الاستاذ عمرو موسى على جهوده الحثيثة والجادة لخدمة مصالح شعوبنا العربية وقضاياها المصيرية والثناء للسيد رئيس البرلمان العرابي على عمله الدؤوب في تفعيل هذا المشروع الهادف الذي نتمنى له كل الموفقية والنجاح .وكل عام وانتم بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته …

أرسل هذا المقال لصديق  أرسل هذا المقال لصديق    صفحة للطباعة  صفحة للطباعة