لقاء جريدة الصباح مع الشيخ خالد العطية
في لقاء اجرته جريدة الصباح في العدد1073 بتاريخ 25/اذار/2007 قال النائب الاول لرئيس مجلس النواب الشيخ خالد العطية: ان الخارطة السياسية العراقية لن تتغير في المرحلة المنظورة مقللا من شأن خروج بعض الكتل البرلمانية الصغيرة (على حد قوله) من تحالفاتها السابقة مؤكدا مكانة التحالف القائم بين كتلتي الائتلاف العراقي الموحد والتحالف الكردستاني …
قال النائب الاول لرئيس مجلس النواب الشيخ خالد العطية: ان الخارطة السياسية العراقية لن تتغير في المرحلة المنظورة مقللا من شأن خروج بعض الكتل البرلمانية الصغيرة (على حد قوله) من تحالفاتها السابقة مؤكدا مكانة التحالف القائم بين كتلتي الائتلاف العراقي الموحد والتحالف الكردستاني ووصفه بانه قائم على اسس تاريخية وعقد شراكة موقع من كلا الطرفين.
وبشأن الحراك السياسي لبعض قادة الكتل السياسية قال الشيخ العطية: (ان هذا الحراك يعبر عن تطلعات شخصية لقيادات لها حضور في الساحة ومحاولات للعودة الى المواقع المهمة الفعالة في الدولة)، وانكر وجود ما يدعم توجه هؤلاء القادة لاحداث تغيير في الخارطة السياسية.
وعن الاجواء داخل البرلمان، قال الشيخ العطية: (ان هيئة رئاسة المجلس رأت ان تقلل فرص التوتر داخل البرلمان ومنعت الادلاء بالبيانات خاصة تلك التي تسهم في زيادة الاحتقان الطائفي ووصف ضلوع بعض اعضاء البرلمان في اعمال العنف بأنه احدى المفارقات في العمل البرلماني وقال: (ان مجرد تمثيل المواطنين يعني الايمان بالآلية الديمقراطية ونبذ العنف).
وفيما يتعلق بقانون اجتثاث البعث اشار الشيخ العطية الى ان اجراءاته لم تصب الهدف الصحيح في كثير من الاحيان، واعلن عن مبادرة من الحكومة تتضمن اصدار قانون جديد للاجتثاث يتلافى سلبيات التطبيق السابق ويؤمن عودة العناصر الصالحة، ويسمح بمنح التقاعد للقسم الاخر مؤكدا ان القانون الجديد لن يستثني الا المجرمين الذين شغلوا مواقع قيادية في النظام السابق.
تكتلات برلمانية جديدة
* ما رأيكم في تشكيل التكتلات البرلمانية الجديدة؟ وهل تأتي ضمن مناخ واجواء ديمقراطية طبيعية؟ ام هي محاولة للنيل من كتلة الائتلاف والالتفاف حولها واضعافها؟
– اعتقد ان الظروف والمؤشرات السياسية ساهمت في تشكيل الخارطة السياسية العراقية منذ انتخابات الجمعية الوطنية وحتى الان لاتزال هي الحاكمة في الساحة وبالتالي فان معالم هذه الخارطة لن تتغير في المرحلة المنظورة الا اذا استكملت اسس هذه المرحلة واستقر النظام السياسي العراقي وخرجنا من مرحلة التوتر والاحتقان التي نشهدها حاليا، ووصلنا الى مرحلة الاستقرار السياسي حينها ربما نرى تشكل قوى اخرى وفق المتغيرات الحاصلة، اما في الوقت الحاضر فأرى ان القوى السياسية الموجودة في البرلمان تمثل التوجهات والتيارات السياسية السائدة في الشارع العراقي وانها باقية بدون تغيير وان خروج بعض الكتل الصغيرة وسعيها لعقد تحالفات جديدة وتشكيل كتل اكبر حتى لو نجحت لن تستطيع تغيير المعالم السياسية العراقية.
* هل من الممكن مثلا ان نرى تكتلا وتحالفا جديدا ضد الائتلاف بمعنى انضمام التحالف الكردستاني للتكتل الجديد؟
– لا اعتقد ان التحالف الكردستاني ولا الائتلاف يفكرون او لديهم الاستعداد لتغيير تحالفاتهم لان التحالف بين كتلة التحالف الكردستاني والائتلاف العراقي الموحد قائم على اسس متينة تاريخية وعقد شراكة موقع من كلا الطرفين ولا تزال الظروف والعوامل التي ادت الى تحالفهما قائمة وموجودة وعليه لايمكن فك هذا التحالف بسهولة، وبالعكس ثمة تاكيدات من كلا الطرفين على ضرورة استمرار هذه الشراكة والتعاون وتدعيم التحالف بينهما، وقد شكلت لجنة لتنسيق المواقف وبحث السبل لدعم التحالف الستراتيجي بينهما، على الصعيد التنفيذي والتشريعي والسياسي العام. ولا يخفى ان هاتين الكتلتين تمثلان الركيزتين اللتين يقوم عليهما الوضع السياسي الحالي، فلا توجد اية فرصة حقيقية لظهور كتلة كبيرة ومهمة دون مساهمة احدى هاتين الكتلتين.
* ولكن ثمة حراك سياسي وسفر رؤساء كتل مهمة الى دول الجوار واجتماعات ولقاءات؟
– هذا الحراك يعبر عن تطلعات شخصية لقيادات لها حضور في الساحة ولكن لايوجد ما يدعم توجههم لتغيير الخارطة السياسية. ثمة محاولات للعودة الى المواقع المهمة الفعالة في الدولة واستعادة التأثير السابق، واعتقد انها من دون جدوى.
الخطة ب
* ثمة كلام كثير بشأن الخطة (ب) وهي الخطة البديلة لمعالجة الوضع العراقي برمته تقوم على انشاء حكومة شبه عسكرية تدير دفة امور البلد، مع احتمال تجميد البرلمان او الدستور او الابقاء عليهما ولكن مع تغيير الحكومة الحالية بطبيعة الحال؟
– هذه كلها تكهنات وتوقعات ولا اعتقد ان متحدثا عن الخطة (ب، او جـ) له شهادة حسية على ما يقول او انه اطلع على تفاصيل وبنود هذه الخطة ثم يخبرنا ما هي؟ انها مجرد تحليلات واستنتاجات.
والخطة كما عرضت هي انقلاب عسكري للاطاحة بحكومة منتخبة وفرصة الانقلاب العسكرية اصبحت صفراً في العراق وقد ولى زمن تغيير النظم في العراق عن طريق الانقلابات، الشعب العراقي وضع ركائز النظام السياسي وصوت على الدستور وانتخب البرلمان وارسى دعائم العملية السياسية على اسس ديمقراطية لايمكن ان يسمح الشعب العراقي بالرجوع الى عهد الانقلابات أو يفرط بجميع الانجازات المهمة التي تحققت.
الأزمة في البرلمان
* يدور كلام في الشارع العراقي يقول: ان المشكلة السياسية تبدأ وتنتهي في البرلمان! وتنعكس حالات الشد والجذب والتأزم داخل البرلمان سلبا على الشارع واذا سارت امور البرلمان بسلام ووئام هدأ الشارع كثيرا؟
– هذا كلام الى حد ما صحيح!! لأن من شأن البيانات والتصريحات التي تقرأ على اعضاء مجلس النواب وتكون غالبا مبنية على معلومات مبالغ بها او مغرضة تسهم في زيادة الاحتقان الطائفي وبالتالي تتحول الكلمات والتصريحات الى رصاص ومتفجرات تقتل المواطنين الابرياء وتؤدي الى عمليات التهجير والخطف والاغتيالات وغيرها من اعمال العنف وعليه ارتأت هيئة رئاسة البرلمان ان تقلل من فرصة التوتر ومنعت الادلاء بالبيانات خاصة تلك التي تتحدث عن حوادث جزئية تحدث في الشارع وغالبا ما تكون متشنجة وغير مبنية على ارقام ووقائع مثبتة بشكل دقيق. واعتقد ان منع تلك البيانات اسهم بشكل كبير في اشاعة جو الهدوء الذي تحتاجه السلطة الامنية في اداء عملها.
* هل تعلق على مسألة ضلوع بعض اعضاء البرلمان في اعمال العنف؟ وكيف يتعامل البرلمان مع مثل هذه القضايا وكيف ستؤثر في سمعة البرلمان وسيرته؟
– نعم تؤثر وثمة مؤشرات جدية تدل على مساهمة بعض اعضاء البرلمان في اعمال تقع تحت طائلة قانون الارهاب، وبالتالي يجب ان يخضعوا للتحقيق لبيان حقيقة الامر وقد قدم طلب من بعض المحاكم لرفع الحصانة البرلمانية عن بعض النواب وهذا شرط قبل خضوع عضو البرلمان الى اي تحقيق او مساءلة قانونية.
* الا تشكل لكم مفاجأة غير سارة، اشراك بعض نواب الشعب في اعمال العنف؟
– للاسف العميق هذه احدى المفارقات المهمة والاساسية لان مجرد تمثيل المواطنين في البرلمان يعني إيمانه بالعملية السياسية والآليات الديمقراطية وان الحراك السياسي ينبغي ان يتم من خلال هذه الآليات، وهذه ازدواجية ينبغي ان تكشف ونعرف هل يؤمنون بالعنف والارهاب كطريق للحراك السياسي او يؤمنون بالديمقراطية والدستور، لاسيما ان هؤلاء النواب اقسموا اليمين الدستورية على التزامهم بالقوانين والتحرك تحت مظلة الدستور.
* هل كان شرط الايمان بالعملية السياسية شرطا مسبقا لدخول البرلمان؟
-هذا شرط ضمني كما يقول الفقهاء لان من يقبل ان يرشح للبرلمان ويدخل العملية السياسية عبر البرلمان، لابد ان يكون مؤمنا بهذه العملية والديمقراطية كنهج للعمل السياسي.
المحاصصة والاستجواب
* هل تقف المحاصصة داخل مجلس النواب حائلا امام استجواب الوزراء بشكل فعال؟
– مراقبة ومساءلة اعضاء السلطة التنفيذية عمل اساسي من اعمال البرلمانات في مختلف الدول والبرلمان العراقي مطالب باحترام وظيفته واعماله، واعتقد انه لم يحصل مرة ان عرقل البرلمان طلبا قدم بشكل اصولي لطرح موضوع عام للمناقشة او استجواب وزير او مسؤول كبير في الدولة وكما ينص عليه النظام الداخلي للمجلس والدستور، ولم تحل اية كتلة برلمانية دون استجواب وزير ينتمي اليها خاصة اذا كانت الاجراءات اصولية وقانونية.
حدث مرة ان تمت دعوة وزير للاستفسار عن معلومات وتطور الامر داخل المجلس وتحول الى الدرجة الثانية(استجواب وتحقيق) وهو غير ما دعي الوزير اليه ولكنه قبل بذلك وتنازل عن حقه في الرفض.
* على ارض الواقع عندما يصل الوزير الى موضع اتهام ينبري اعضاء كتلته للدفاع عنه؟ هذا ما قصدت بتأثير المحاصصة في الاستجواب؟
– هذا امر طبيعي وضمن العملية الديمقراطية فهي ليست ايجابية بالمطلق وربما ما ذكرته هو من سلبيات العملية، وفي كل برلمانات العالم تدافع كتلة او حزب الوزير المستجوب بينما تحاول الكتلة المعارضة كيل الاتهامات وتشديد وتصعيب الاستجواب ضده، وما يحصل في البرلمان العراقي ليس بدعة او استثناء عن القاعدة العامة.
اجتثاث البعث
* تفيد تقارير صحفية وجود ضغوط اميركية عليكم باتجاه تخفيف قانون اجتثاث البعث؟
– اعتقد بوجود قناعة ومنذ وقت مبكر بان الاجراءات المتبعة في الهيئة العليا لاجتثاث البعث لم تصب الهدف الصحيح في كثير من الاحيان، وهذا الهدف يتمثل في اجتثاث العناصر البعثية الملطخة ايديها بالدماء، المخربة المناقضة والمعارضة للعملية السياسية، بل بالعكس عاد الكثير من البعثيين الملطخة ايديهم بالدم واجتث الكثير من العناصر التائبة او تلك التي لم ترتكب اعمالا اجرامية بحق الشعب العراقي. ان عودة هؤلاء مطلوبة لانهم يمثلون شريحة كبيرة نوعا ما، ليضمنوا لانفسهم وعوائلهم مصدر رزق ومعيشة كريمة، واجتثاث هؤلاء اساء للعملية السياسية اكثر مما خدمها، ولذلك ثبت في الدستور انه يجب اعادة النظر بهذه الهيئة بشكل يجعل اداءها وعملها مبنيين على القانون والقضاء، بمعنى ان يؤدي الى اجتثاث فقط تلك العناصر المجرمة والرموز السياسية لحزب البعث، ولذلك اتفق منذ صياغة الدستور على ترشيد عمل هيئة الاجتثاث بشكل يطابق القانون والعدالة، ولا يؤدي الى خلق مشاكل امام العملية السياسية، ويسمح بعودة قسم كبير من الذين انتموا لحزب البعث، مع مراعاة الظروف التي كانت تضغط على المواطنين للانتماء الى حزب البعث، حيث كانوا يجبرون على الانتماء دون ايمان حقيقي الى ذلك الحزب.
وثمة مبادرة من الحكومة وسيصدر القانون الجديد لاجتثاث البعث، بشكل يتلافى السلبيات التي رافقت تطبيقه، ويؤمن عودة العناصر الصالحة من الذين انتموا الى حزب البعث والذين يمكن الاستفادة منهم في مختلف مواقع الخدمة المدنية، ويسمح القانون الجديد باعطاء التقاعد لقسم اخر، وسيستثنى في النهاية المجرمون الذين شغلوا المواقع القيادية في النظام السابق.
قانون النفط والغاز
* اثارت مسودة قانون النفط والغاز التي ستعرض على البرلمان ردود افعال متباينة، فهل من الممكن لهذا القانون المرور بسلام في مجلس النواب؟
– استغرق اعداد القانون المذكور والتفاوض عليه بين الكتل السياسية خاصة الائتلاف والتحالف الكردستاني مدة طويلة وخضع الى دراسة مستفيضة، واتفق على صيغته في النهاية، ويمثل الحل الاوسط بين الغلو والتفريط من كلا الفريقين، المغالية في التشدد والتضييق، والمغالية في الانفتاح والتوسع، وهو نقطة وسط بينهما، ومع ذلك فسيشهد في الاسابيع القليلة المقبلة مزيدا من النقاش على مستوى الخبراء من اجل ترشيده والوصول به الى صيغته النهائية، ليكون جاهزا لامراره بسهولة وعلى اساس من الوعي والمعرفة بكامل ابعاده في مجلس النواب.
ويمثل هذا القانون بمجمله المصلحة الوطنية العراقية، كتب وعلى عكس ما يشاع بأيد عراقية، ولم يفرط بالحقوق الوطنية العراقية في هذا القطاع الحيوي المهم، ويشكل اهم قانون بعد الدستور، واذا ما اقر مع بقية القوانين التي تتعلق بالقطاع النفطي، ستتوضح وقتها معالم هذا القطاع بصورة جلية ونهائية، الامر الذي سيسهم كثيرا في الاستقرار السياسي والاقتصادي في العراق ورؤية المجتمع للنظام السياسي الجديد في العراق.
القوانين الاخرى التي تخص القطاع النفطي هي قانون شركة النفط الوطنية، قانون وزارة النفط، قانون ادارة الموارد المالية الناشئة من النفط، ستصب جميع هذه القوانين في مصلحة الشعب العراقي وحفظ ثروته النفطية بشكل اساسي، ويكون هذا النفط ملكا لجميع ابناء الشعب العراقي ومكوناته ومناطقه، يتساوى ويتشارك الجميع فيه وهذه نقطة مركزية مهمة يكفلها قانون الثروة النفطية، وتكون العائدات والموارد المترتبة على انتاج وتسويق وبيع النفط تصب في صندوق واحد هو الخزينة الاتحادية في بغداد، ثم توزع بين الشعب العراقي بالتساوي.
وسيسمح هذا القانون للاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم بابرام عقود التنقيب والانتاج والاستخراج ولكن هذه العقود تكون اولية تحتاج الى موافقة”مجلس النفط الاتحادي “ الموجود في المركز”بغداد “ لتكون هذه العقود نهائية وللمجلس المذكور حق رفض هذه العقود بعد دراستها جيدا، فالامر كما هو واضح تحت السيطرة ولا يترك للاقاليم حرية التفاوض والتعاقد المباشر مع الشركات الاجنبية كما تشاء وباي شروط تختار، والمجلس الاتحادي للنفط سيضع محددات وشروطاً للتعاقد والتفاوض وصيغة العقود.
خطة فرض القانون
* ثمة ضغوط تأتي من الاعضاء الديمقراطيين في الكونغرس الاميركي باتجاه وضع مواعيد نهائية لتقييم حكومة المالكي فيما يتعلق بادائها السياسي والامني، والتهديد بسحب القوات الاميركية اذا لم يكن هذا الاداء مقنعا، فهل تمثل هذه الضغوط ازعاجا لحكومة المالكي وهي تتصدى لتطبيق خطة فرض القانون؟
– في عالم السياسة لا وجود لمواعيد نهائية والشعب العراقي هو صاحب القرار، وخلال العملية السياسية قدم العراقيون تضحيات كبيرة وليس من السهولة عليهم ان يفرطوا بما وصلوا اليه، وبغض النظر عن هذه الامور فان المؤشرات تدل على نجاح خطة فرض القانون وانها تسير سيرا حثيثا الى الامام وبشكل تراتبي وتراكمي، والمؤشرات على تحسن الوضع الامني منذ بدء تنفيذ هذه الخطة تتزايد يوما بعد يوم والتحسن الان ملحوظ على مستوى التهجير وعمليات القتل والاختطاف وحتى على مستوى السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة، في الوقت الذي تتصاعد فيه الاستعدادات ويتزايد عديد القوات المشاركة فيها وتجهيزها من اجل مزيد من النجاح في الاشهر المقبلة.
ولم يكن من المعقول الحكم على خطة فرض القانون في اسابيعها الاولى ان تنجز جميع مهامها وتستأصل الارهاب بالكامل، الوقت مهم ولابد من اعطاء فرصة زمنية كاملة، حتى نحكم بشكل نهائي والخطة في جوانبها الاولى تعالج قضايا خدمية واقتصادية، ونتوقع مع نهاية العام الحالي ان يشهد العراق نقلة اساسية في مجال الامن وتنطلق العملية السياسية في آفاقها الرحبة.
المجلس واللاجئون
* ماهي الاسباب التي وقفت وراء اعتبار مجلس النواب العراقيين المتواجدين في دول الجوار مقيمين خارج العراق وليسوا لاجئين، وماذا قدم المجلس لهم؟
– كانت تلك فكرة لرئيس المجلس، مبنية على اساس ان كلمة”لاجئ “ مسيئة للعراقي وتجعل منه شخصا متشردا محتاجا الى اقل من الدرجة التي تليق به، ولكن الحقيقة ان البرلمان ليس معنيا او مسؤولا عنها لان صفة الشخص الموجود في الخارج كونه لاجئا او مقيما خاضعة للقوانين الدولية والوطنية لتلك البلاد، وهي التي تضع المعايير والشروط التي تمنح بموجبها الاقامة او اللجوء، الذي ينقسم على اشكال ودرجات والبرلمان العراقي مهما شرع من قوانين فانه لا يستطيع فعل شيء لان الامر متعلق بالبلد الموجود فيه العراقي، واثارة الموضوع بهذه الصيغة كان خطأ وبلا جدوى.
وجود العراقيين الحالي في دول الجوار مؤقت لان العراقي معتز بوطنه وارضه، ولم يكن العراقي يعاني كما في الشعوب الاخرى التي تشيع فيها موجات الهجرات لاسباب اقتصادية واجتماعية، العراق لم تكن لديه مثل هذه المشكلة، العراق بلد غني بالثروات التي تستطيع ان تستوعب جميع ابنائه ليعيشوا حياة كريمة.
وما حدث من هجرة كان على الاعم بسبب الظروف السياسية ولم تكن بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية، كان العراقي يهاجر ليحافظ على حياته او يريد ان يحيا حياة حرة، يتخلص من الدكتاتورية والارهاب والقتل والاختطاف واذا زالت هذه الاسباب وتوفر لهم العيش الامن، سواء من الدكتاتورية اومن الطغيان الطائفي والقتل على الهوية والامان من الجريمة المنظمة، عندها سيرجع العراقيون الى وطنهم.
* نرى في الفترة الاخيرة اثارة قوية لموضوع اللاجئين العراقيين والنية الى عقد مؤتمر دولي وحتى افكار لاعادة توطين اعداد منهم، هل من الممكن التعليق على ذلك؟
-موضوع اللاجئين مرتبط بالاساس كما قلت بالعنف المستشري في العراق، وبالتالي فان حل مشكلة العنف والارهاب سيفضي الى حل موضوع اللاجئين، اما اثارة هذا الموضوع في المحافل الدولية فليس دائما لغرض حل مشكلة اللاجئين وتسهيل وجودهم في الخارج في هذه المرحلة الاستثنائية المؤقتة وانما توجد اغراض كالمزايدة السياسية والمتاجرة بآلام العراقيين في الخارج للصعود على اكتافهم والتظاهر بتقديم انجازات لهم، وبعض الجهات تثير هذه القضية بهدف التشويش على العملية السياسية والذهاب الى استنتاج ان العراق لن يستقر ومحاولة خلق مشاعر محبطة لدى العراقيين في الخارج والداخل.
البرلمان مدرسة للديمقراطية
* ماهو دور البرلمان كمؤسسة وطنية في نشر الثقافة الديمقراطية ودعم منظمات المجتمع المدني؟
– من المفروض ان يكون للبرلمان دور مهم في هذا المجال سواء من حيث حسن ممارسته وادائه في العملية السياسية وخطاب اعضائه، الذي ينبغي ان يرتكز على الموضوعية والوطنية، وهما الركيزتان الرئيستان في خطاب النائب في البرلمان الذي يفترض به تمثيل جميع العراقيين وليس طائفته او قوميته او بلدته، وان يكون خطابه سياسيا واعيا غير محرض او مهيج او طائفي.
واذا ما توفرت مثل هذه الامور فان البرلمان يكون مدرسة للشعب العراقي كافة للديمقراطية والخطاب الوطني بين مختلف اطيافه، ويسهم بالتالي في اشاعة الثقافة الديمقراطية، اما اذا استمر الاعضاء بهذا الخطاب والاداء فسيعمق الامراض الموجودة في المجتمع العراقي، ويكرس التوجهات المخالفة للمبادئ الديمقراطية.