مشاركة العراق في اعمال الدورة التاسعة والاربعين لمجلس الاتحاد البرلماني العربي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين
معالي السيد رئيس الأتحاد البرلماني العربي الأستاذ عبد الهادي المجالي
معالي السيد الامين العام للاتحاد البرلماني العربي
معالي السادة رؤساء ونواب رؤساء المجالس العربية
السيدات والسادة أعضاء وضيوف المؤتمر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسُرني بأسم مجلس النواب العراقي أن  اعبّر عن السعادة الغامرة بمشاركة العراق في اعمال الدورة التاسعة والاربعين لمجلس الاتحاد البرلماني العربي ، بعد سنوات من الانقطاع والغياب ، شاكراً لمملكة الاردن الشقيق ولرئيس برلمانه الاستاذ عبد الهادي المجالي استضافة هذه الدورة التي ندعو الله تبارك وتعالى ان يكلل اعمالها بالنجاح والتوفيق وان يجعلها منطلقاً لخدمة قضايا شعوبنا وامتنا .
ايها السيدات والسادة
لقد عاش عالمنا العربي خلال الحقبة القصيرة السابقة من تاريخه تحولات وتطورات متلاحقة ، وشهد ازمات حادة عصفت بجوانب حياته المختلفة سياسيةً واقتصاديةً واجتماعيةً وثقافية ، وانعكست سلبياتها على واقعه بشكل خطير ، ولعل من ابرز تلك الازمات ما مر به العراق من محنة قاسية عقب سقوط النظام الدكتاتوري البائد تمثلت بالهجمة الارهابية الشرسة التي استهدفت ضرب الوحدة الوطنية التي تجمع بين العراقيين ، وإثارة الاحقاد والفتن الطائفية والعنصرية فيما بينهم ، ومحاولة جرّهم الى اتون حرب اهلية لا تبقي ولا تذر ، كل ذلك املاً في الاستحواذ على السلطة والعودة بالعراق من جديد الى ما كان عليه ايام النظام السابق من حكم دكتاتوري جائر مقيت .
لقد حصدت تلك الهجمة الارهابية حتى الآن ارواح عشرات الألوف من ابناء العراق الابرياء الشرفاء ، اغلبُهم من النساء والاطفال والشيوخ ومن جميع الطوائف والمذاهب ، كما انها دمّرت قسماً كبيراً من البنية الاقتصادية التحتية ، ومنعت وصول الخدمات الاساسية للمواطنين ، وعملت بشكل عام على اشاعة الفوضى في الشارع العراقي ، وعلى عرقلة استكمال بناء مؤسسات الدولة واجهزتها وفق ما نصّ عليه الدستور الجديد الدائم للبلاد ، واعاقت الجهود الرامية الى اعادة بناء العراق واعماره رغم الامكانات الهائلة التي يتمتع بها من ثروات طبيعية وموارد بشرية وارث حضاري ، كما انها وضعت العصي في عجلة العملية السياسية الجارية في العراق ، واربكت مساعي القوى السياسية المشاركة في هذه العملية الرامية الى انهاء وجود القوات الاجنبية من خلال الوسائل السلمية والدبلوماسية وبعد استكمال بناء الاجهزة الامنية والعسكرية القادرة على حفظ الامن والاستقرار وحماية ارواح وممتلكات المواطنين من شرور الارهابيين والعصابات المسلحة ، واعطت مسوغاً لاطالة امد وجود القوات الاجنبية ، بل كانت السبب الرئيس في زيادة عديدها في البلاد . ولكن الشعب العراقي ورغم كل التحديات التي واجهته اثبت من خلال صبره وصموده حرصَه الشديد على ان يكمل مسيرته لبناء نظام سياسي جديد يحتضن كل العراقيين بشتى انتماءاتهم وخلفياتهم الدينية والعرقية والثقافية والسياسية ، ويحفظ حقوقهم ويصون حرياتهم ، واجتمعت قواه السياسية من مختلف الانتماءات والاتجاهات على ان تكون الهوية الوطنية العراقية ووحدة العراق ارضاً وشعباً هي القاسم المشترك والاطار الناظم لحركة هذه القوى وجهودها من اجل اعادة بناء العراق الجديد وتحقيق الامن والاستقرار فيه .
ايها الاخوة والاخوات
انني وبأسم مجلس النواب العراقي ادعو من هذا المنبر الاتحاد البرلماني العربي لاتخاذ موقف واضح وصريح ازاء ما يحدث من ممارسات واعمال ارهابية اجرامية في العراق تحت اي شعار او عنوان والخروج بقرارات وتوصيات تقضي بدعم جهود حكومة العراق الوطنية التي هي الجهة الشرعية الوحيدة المسؤولة امام الله والشعب العراقي عن مصالح هذا الشعب في خطتها لفرض القانون واعادة الامان والاستقرار الى ربوع العراق وذلك من خلال بذل كافة الجهود لمنع العناصر الارهابية من التسلل الى داخل العراق والحيلولة دون وصول الاسلحة ، وتقديم أي شكل من اشكال الدعم المادي والمعنوي للارهابيين وفلول النظام السابق وعناصر اجهزته القمعية الملطخة بدماء الشعب العراقي .
كما ادعو البرلمانات ومجالس الشورى العربية الى الوقوف مع البرلمان العراقي في مساندته لمشروع المصالحة الوطنية الذي طرحته الحكومة العراقية وذلك من خلال العمل على تشجيع كافة الجهات والاطراف السياسية العراقية على الانخراط الجاد في العملية السياسية ونزع كل اسباب الاحتقان والتوتر الطائفي بين العراقيين ، ودعوة كل فريق الى العمل السياسي وفق الوسائل السلمية والآليات الديمقراطية التي اجازها الدستور ، وافهام جميع الفرقاء بأن الحل هو في ايدي العراقيين وحدهم وانه من غير المقبول والمتاح لاي منهم بأن يستقوي على اخيه بأي جهة كانت ، وادعو اشقائنا العرب ايضا الى اعادة التواصل الدبلوماسي في العاصمة العراقية وفتح قنوات التعاون السياسي والاقتصادي والتجاري والصناعي ، والاسهام في عملية اعادة الاعمار بما يعود بالنفع المتبادل ، ويحقق المصلحة المشتركة بين العراق واشقائه .
السيدات والسادة
ان الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب العراقي لم تشغله عن الاهتمام بشجون وهموم اشقائه ، ولعل من ابرز ما يؤرقه من تلك الشجون والهموم ما يمرّ به الشعب الفلسطيني من ظروف عصيبة تمثلت في موجة العنف والاقتتال الداخلي التي سقط على اثرها العديد من اخواننا الفلسطينين ، ولقد استبشرنا خيراً بعد انعقاد مؤتمر مكة والخروج بمقررات تهدف الى رأب الصدع ولم شمل القوى الوطنية الفلسطينة ، والوصل الى اتفاق تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على النهوض بالواقع الفلسطيني لتخفيف وطئة التداعيات والاحداث المريرة التي عانى منها الشعب خلال الفترة الماضية .
كما نأمل في ان يتوصل اخواننا في لبنان الى توافق يسهم في حلحلة الازمة ودرء الفتنة عن الشعب اللبناني ، وان يعود هذا البلد الشقيق كسابق عهده انموذجاً للتعايش بين فسيفسائه الجميلة . كما اننا نتابع باهتمام بالغ الاحداث الجارية في السودان آملين في ان يتوصل اشقائنا هناك الى تسوية شاملة لمشكلة دارفور .
السيدات والسادة
لقد كان حصاد السنوات الماضية على الصعيد العربي حصاداً مريراً ، وعلينا ان ندرك ان هذا النتاج يفرض علينا جميعاً مسؤولياتٍ مضاعفةً على المستويات الوطنية والعربية والاقليمية والدولية جميعاً ، ومهما بلغت قسوة الواقع العربي فأننا نعتصم بالامل في قدرة أمتنا العربية وشعوبنا الشقيقة في تجاوز هذه الازمات التي وصلت الى حد المحن ، وان تخرج منها بقوة وصلابة واقتدار .
ختاماً اكرر الشكر والتقدير للاردن الشقيق على رعايته لهذه الدورة وحسن الاستقبال ، ويسرني ان اعلن عن استعداد العراق الكامل لتحمل مسؤوليته في رئاسة واستضافة الدورة الخمسين لمجلس اتحاد البرلماني العربي في عاصمته بغداد في عام 2008 وهي تنعم بأذن الله بالسلام والامان ، كما انتهز هذه الفرصة لاسجي خالص التهنئة والتبريك لدولة الكويت الشقيقة بمناسبة العيد الوطني ويوم التحرير ، ولدولة الامارات العربية المتحدة بمناسبة اجراء الانتخابات النيابية الاخيرة وتشكيل المجلس الجديد ، واتوجه بالدعاء الى العلي القدير بأن يشمل بلطفه وعنايته جميع شعوبنا ويدفع عنها كلّ شر وسوء وان يوفر لها كل اسباب الاستقرار والرخاء انه نعم المولى ونعم النصير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرسل هذا المقال لصديق  أرسل هذا المقال لصديق    صفحة للطباعة  صفحة للطباعة