كلمة السيد رئيس مجلس النواب في المؤتمر الدولي حول دور البرلمانات في تطوير وتنمية مجتمع المعلومات المنعقد في روما
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله الاطهار وصحبه
الاخيار
السيد رئيس الجلسة
السادة رؤساء وممثلي البرلمانات في العالم السادة ممثلو المنظمات الدولية السيدات والسادة الحضور السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسرني في البدء ان اعرب عن بالغ سروري لمشاركتنا في هذا المحفل الدولي حول تطوير مجتمع المعلومات. ولهذه المشاركة دلالات كثيرة، فهي تؤشر استعادة العراق لوضعه الطبيعي في اسرته الدولية بعد عقود طويلة من العزلة والانكفاء الداخلي بسبب سياسات النظام العراقي السابق تجاه محيطه الاقليمي والدولي، وتؤشر ايضا قدرة وحرص العراق على التواصل والتفاعل مع مجتمعه الدولي، بالرغم من الاوضاع الصعبة والخطيرة التي تواجه الشعب العراقي بسبب ما يرتكبه اعداءه والجماعات الارهابية والاجرامية من جرائم فظيعة يندى لها جبين الانسانية وترفضها جميع الاديان والشرائع السماوية. ان حضورنا يعكس رغبتنا الجادة في مشاركة اسرتنا الدولية مشاكلها وتطلعاتها والمساهمة في وضع الحلول والمعالجات للوصول الى عالم اكثر امنا ورقيا وتعاونا بين اعضاءه، باعتبار ان العراق احد اهم مراكز ومصادر الحضارة في التأريخ الانساني.
ايها السيدات والسادة،
تعلمون ان العراق عانى في تأريخه الحديث وفي العقود الثلاثة الماضية بخاصة، من مشاكل وحروب مدمرة عدة، ادت الى ضياع ثرواته المادية والبشرية وتخلفه عن ركب البشرية في شتى المجالات، فانتشر الفقر والجهل وتعطلت مشاريع التنمية واصيبت قطاعات التعليم والمعرفة بالشلل وسادها التأخر. وقد شهد العراق متغيرات عديدة بعد اسقاط النظام السياسي السابق من قبل قوات التحالف الدولية في مختلف مناحي الحياة، السياسية والاقتصادية والعلمية، ومن اهم التطورات التي طرأت على الساحة العراقية هي التجربة الديمقراطية متمثلة بالحياة والتقاليد البرلمانية الجديدة فضلا عن انتشار حرية الرأي والتعبير والنشر والصحافة والتأكيد عليها كحق يكفله الدستور، الى جانب الانفتاح على العالم من خلال اتساع استخدام وسائل التكنولجيا الحديثة كالاتصالات والهواتف المحمولة وشبكة الانترنيت والمنظومة الفضائية ((الستلايت))، الا ان تأثير السلوكيات الجديدة والوسائل والتقنيات المتطورة ما زال محدودا في تنظيم وتوجيه المظاهر الحياتية والعلمية والمعرفية في بلادنا ومؤسساتنا الحكومية بسبب ضعف سلطة الدولة وحل مؤسساتها والافتقار الى التخطيط الستراتيجي وتعمق ظاهرة الاضطراب القيمي لما يجب ان يسود في المجتمع، وكذلك بسبب عمليات القتل الوحشية والتخريب اليومي المستمر للبنى التحتية للدولة العراقية فضلا عن التحديات الداخلية والخارجية الاخرى.
زملائي الاعزاء،
ان العالم والعراق بخاصة يمر بمرحلة بالغة الدقة والحساسية تتمثل بالارهاب العالمي ومحاولة مصادرة منجزات الحضارة الانسانية المعاصرة، الى جانب اختلال ميزان القوى الدولية، وفي حال تقاعس المجتمع الدولي عن دعم الشعب العراقي
في معركته الضارية ضد الاجرام والارهاب فأن منظومة القيم العالمية ستتعرض لخطر كبير، وسيتأثر الواقع الدولي الراهن حتما، بشكل او بأخر. ولاشك ان قدرة العالم على توظيف واستثمار الانجازات العلمية والمعرفية والتكنلوجية المتطورة سيسهم في ربط العالم ببعضه ويساعد على معالجة كثير من المشاكل العالمية ويقلل الهوة بين عالمي الشمال والجنوب ويعزز الحوار والتواصل بين الحضارات المختلفة. ان خلق عالم الكتروني لن يجعل منا قرية صغيرة فحسب بل عالما اكثر شفافية وتطورا وقدرة على مواجهة الازمات والتحديات بسبب سهولة وسرعة حركة وتبادل المعلومات.
ايها الاخوة والاصدقاء،
لقد خلقت ثورة المعلومات مجتمعا جديدا مختلفا عن المجتمع الصناعي، في سماته وادواته واهدافه وسحره واغراءاته. وفي الوقت الذي نتوقع حدوث نقلة نوعية في طبيعة وعلاقة المجتمعات الانسانية ببعضها، وتحول في سلوكيات ووعي الافراد الا ان ذلك لا يمنع من طرح بعض الملاحظات. لقد كان الحصول على المعرفة ولوقت قريب سهلا وفي متناول اليد وبنفقات زهيدة، فأنظمة التعليم ومستلزماتها بسيطة وغير مكلفة والحصول على الكتب ومطالعة المراجع والمصادر متاح للجميع وباسعار رمزية، غير ان الامر مختلف اليوم في ظل ثورة المعلومات والاتصالات والحاسوب ذلك انها تخضع لسيطرة رؤوس الاموال والشركات الخاصة. كما يلاحظ عدم السيطرة والتحقق من حقيقة ونوعية المعلومات المتدفقة عبر شبكة المعلومات ((الانترنيت))، وسهولة استغلالها من قبل جهات متطرفة وقوى ارهابية ومؤسسات اباحية دون ضوابط قانونية او شروط تحدد المسؤولية. لذا علينا نحن برلمانيو العالم العمل الجاد لسن التشريعات المناسبة التي تتيح للجميع في مختلف مناطق العالم من الحصول على المعرفة والتكنلوجيا وتقنين استخدامها، وتشجيع الابداع والمبادرة والتحفيز على الابتكار ومحاربة القرصنة الفكرية وضمان حرية التعبير والنشر والضغط على حكومات دولنا لتوفير مستلزمات المعرفة للجميع، وهذا يتطلب تعاونا وثيقا مع النظم المؤسساتية وخلق لجان مشتركة متخصصة بهذا الشأن. وعلى الامم المتحدة تبني مشروعا الكترونيا عالميا وحث حكومات الدول الغنية على مساعدة الدول الفقيرة للحصول على تكنلوجيا المعلومات ومدها بالخبرات اللازمة لبناء قاعدة معلومات دقيقة وسليمة عن مختلف القطاعات والبنى والمؤسسات وادخال انظمة الحاسوب في النظام التعليمي بمراحله كافة. وبهذا الصدد اود الاشارة الى ان مجلس النواب العراقي سيناقش قريبا مشروع قانون انضمام العراق الى اتفاقية المنظمة العربية لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات فضلا عن مشروع قانون هيئة الاتصالات العراقية المختصة بتنظيم عمل البث والارسال والاستفادة من الفضاء العراقي. كما سيدخل مجلس النواب منظومة التصويت الالكتروني خلال الفصل التشريعي الثاني فضلا عن مساعينا لانشاء موقع الكتروني متطور للتواصل مع ناخبينا.
ختاما اعرب عن تمنياتي لمؤتمرنا بالنجاح في اعماله والخروج بتوصيات تسهم في تحقيق اهدافنا الانسانية العالمية، ولجميع المشاركين التوفيق والسداد. واتوجه الى رئاسة البرلمان الايطالي بالشكر والتقدير على استضافة المؤتمر وتوجيه الدعوة لنا للمشاركة في اعماله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د. محمود المشهداني
رئيس مجلس النواب العراقي 4-3-2007 |