كلمة الدكتور عدنان الباجه جي في الجلسة الافتتاحية لمجلس النواب
السلام عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتهِ
افتتح بأسم الله وبأسم الشعب العراقي الجلسة الأولى لمجلس النواب.
تمر البلاد بفتره عصيبه ومحنة كبيرة وتواجه تحديات بالغة الخطورة وتحيط بها الأخطار من كل جانب. بعد الجريمة النكراء التي ارتكبها الأرهابيون في ضريح الأمامين علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام) وما اعقبها من اعمال عنف واعتداءات استهدفت المساجد واودت بأرواح المئات من المواطنيين الأبرياء ازداد الاحتقان الطائفي وصار يهدد بوقوع كارثة وطنية تدمر العراق. علينا الآن ان نثبت للعالم بأسره بأن حرباً اهليه لا ولن تقع بين ابناء شعبنا الواحد. ولكن الخطر مازال قائماً والأعداء يتربصون بنا اذ لا يروقهم ان يكون العراق قوياً موحداً مستقراً. علينا ان نعتَبر بما حدث ولا ندع الولآءات المذهبية والعرقية الضيقه تفرقنا وتفُتُ في عضدنا وتضعف من عزيمتنا. انتخبنا الشعب ومنحنا ثقتهُ وحمّلنا مسؤولية الحفاظ على سلامة العراق ووحدته ارضاً وشعباً ودولة غير قابلة للتجزئة والتقسيم. نحن ممثلو الشعب وضمير الامه واملِها. علينا ان نتحرر من رواسب الماضي. فلن نستطيع خدمة الشعب ونوفيه حقه إذا بقينا قابعين في خنادقنا الطائفية متشنجين في مواقفنا لانتسامح مع من يخالفنا في الرأي. اهم مسؤولية سيضطلع بها المجلس النظر في اهلية الحكومة التي ستتقدم لنيل الثقه. الشعب ينتظر بفارغ الصبر تأليف حكومة وحدة وطنية تشارك فيها الكتل الرئيسية في المجلس مشاركة فعلية ليس في المناصب فحسب ولكن في إتخاذ القرارات السياسية والأقتصادية التي تمس مصالح البلاد العليا. يتطلب ذلك استحداث آليه ملائمة لترجمة هذه الشراكه التي من شأنها ان تمنع الأنفراد والأستئثار بألسلطة. فيما يتعلق بألمناصب الحكومية الرئيسيه والوزاريه فليكن المعيار الأول المعرفة والمقدرة والنزاهة والسمعة الحسنه والخبرة والتجربه. حان الوقت للابتعاد عن المحاصصات الطائفية والولاءت الحزبيه لتأليف الحكومات وتوزيع المناصب للاستفادة من كفاءات عراقيه عاليه معطلة نحن في امس الحاجه لها. وهذا يذكرني بقول امير المؤمنين الأمام علي بن ابي طالب عليه السلام ” الولايات مضامير الرجال “.
على المجلس في بداية عمله تشكيل لجنه لدراسة التعديلات الدستوريه الضرورية وتقديم مقترحاتها في هذا الشأن وذلك وفقاً للمادة 142 من الدستور. اضافة الى ذلك سيسن المجلس خلال دورته الحالية عشرات القوانين لتطبيق العديد من مواد الدستور. وهناك قوانين يجب ان تُسن على وجه السرعه. اهمها قانون جديد لتنظيم عمل السلطة التنفيذيه تحدد بموجبه صلاحيات الأجهزه الحكوميه المختلفه منعاً للتداخل والأزدواجيه في مسؤولياتها وخاصه فيما يتعلق بانفاق المال العام.
استتباب الأمن سيبقى في مقدمة الأولويات وذلك يتطلب قبل كُلِ شئٍ إعادة بناء القوات المسلحة واجهزة الأمن على اسس سليمة بعيدة عن الهيمنة الحزبية والطائفية لتحظى بثقة الشعب بكل اطيافه ولتكون درعاً حامياً للعراق ضد الطامعيين والأرهابيين والعصابات المسلحة وفرق الموت التي ترهب المواطنيين بالاختطاف والقتل. نأمل بأن حكومة الوحدة الوطنية ستوقف المداهمات والأعتقالات العشوائيه وتُطلِقَ سراح ألآلاف من المعتقلين الذين لم يُحَقق معهم ولم تسند اليهم ايةَ تهمه محددة بموجب القانون.
طال الحديث عن ضرورة توفير الخدمات الأساسية للمواطن وانهاء معاناته بعد هذه السنيين العجاف من النكد والحرمان. مازال التدهور مستمراً في الأحوال المعيشيه والأجتماعيه فالبطالة مرتفعه والفساد مستشري والخدمات الأساسيه دون المستوى والبنيه التحتية في حالة يرثى لها. علينا الحفاظ على الثروة النفطيه وتطويرها وتحديثها وعدم العبث بها واهدارها. هذا المجلس سيكون العين الساهرة يراقب هذا القطاع الحيوي مراقبة دقيقة مستمرة لتأمين ألشفافية التامة في ادارته حفظاً لمصالح البلاد.
اخواتي واخواني في مطلع شبابي كنت اسأل الله ان يُمدَ في عمري لأرى عراقاً حراً ديمقراطياً يعيش ابناؤه في ظل سيادة القانون ويتمتعون بكامل حُرياتِهم وحُقوقِهم على اساس المساواة التامة ودون النظر الى الجنس او الخلفيات الأجتماعيه والإنتماءات الدينية و المذهبيه و العرقية. هذا الحلم لم يتحقق بعد. فنحنُ مازلنا في بداية الطريق. تجربتنا الديمقراطيه مازالت تتعثر وتكتنفها الصعاب وتعرقل مسيرتها شتى التأثيرات الداخليه والخارجيه. علينا حمايتها والحفاظ عليها. فهي اعز ما نملك. في نهاية المطاف الشعوب هي التي تحمي حقوقَها وتدافع عن حريتها وليست الدساتير , فكم من الدساتير استُغِلت كواجهة لأنظمة دكتاتوريه تعسفية. إني على يقين ان الشعب العراقي بعد كل هذه التجارب المريرة التي مر بها لن يسمح لأي كان وتحت اية ذريعة كانت ان يسلبه حرياته وحقوقه التي ضحى الكثير من اجلها.
وفقكم الله لمافيه الخير لشعبنا. حفظ الله العراق قوياً حراً موحداً