كلمة سماحة الشيخ خالد العطية النائب الاول لرئيس مجلس النواب العراقي التي القاها في مؤتمر المصالحة الوطنية للقوى السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم
اخوتي واخواتي الحضور في هذا المؤتمر … مسؤولين واعضاء وضيوف .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
لقد ابتلي الشعب العراقي العريق في وحدته وتآخي ابنائه .. الرائد في قيمه وقيادته لكب الحضارة البشرية بأنواع شتى من طغيان ودكتاتورية حكامه وظلمهم لعهود وقرون طويلة من الزمن لكن هذ الشعب الصابر ضل يصارع المستحيل ويعمل بجهد حثيث وعزيمة صامدة لا تلين لينتشل العراق من براثن الظلم والدكتاتورية وليعيده الى احضان اهله الغيارى الذين طالما ضربت بهم الامثال في التعايش والتصاهر والتعاون فيما بينهم . حتى كان انموذجاً حياً يحتذى به بين الامم ، ولم تشكل فسيفسائه الاجتماعية وتنوع اطيافه وشرائحه الاثنية والدينية والطائفية والثقافية عائقاً له عبر التاريخ ، بل كانت تلك الصفة ابرز سمة من سماته . وكان ذلك مصدر غناً وثراء في عطائه الحضاري . ورغم كل العقبات التي واجهتنا ونحن نبني العرق الجديد اثبت الشعب العراقي انه شعب واع وراضٍ بهويته شعب يريد السلام وينبذ العنف والتفرقة من خلال دعمه للمسيرة السياسية ورغبته في بناء نظام ديمقراطي عادل يحترم حرية وكرامة ابنائه ، فخرج في ثلاث هبّات ومحافل مليونية قل نظيرها في العالم وخلال عام واحد لينتخب ممثليه في الجمعية الوطنية ، وليصوت لدستوره الدائم ، ولينتخب ممثليه في مجلس النواب ، رافعاً صوته واصابعه البنفسجية بوجه دعاة الفتنة والتفرقة ليقول لهم هذا هو الشعب العراقي شعب الحضارة والقيم الانسانية شعب التآخي والتعايش شعب ديدنه السلم والسلام عاش موحداً ومسالماً وسيبقى كذلك ما بقي رافداه وبقيت جباله واهواره . لقد كانت تلك المواقف بحق مفخرةً نعتز بها ونقف لها وقفة اجلال واكبار ..
لقد بدأت اعمال العنف في العراق بعد سقوط النظام الصدامي البائد وهي مستمرة الى يومنا هذا بيد انني لم اجد قاسماً مشتركاً بين كل تلك الاعمال سوى استهداف المواطن العراقي البسيط شيعياً كان ام سنياً ، عربياً كان ام كردياً مسلماً كان ام مسيحياً او غير ذلك من باقي انتماءات شعبنا العزيز ، وعلينا كقوى سياسية ان نتوقف عند هذا الامر وقفة مسؤول لاننا قبلنا التصدي للمسؤولية وعلينا ان نكون بمستواها ونرد لهذا الشعب ولو جزءاً بسيطاً من افضاله ومواقفة المشرفة التي ما زالت تترى في سبيل وحدة العراق وعزته .. والحفاظ على امن الشعب يجب ان يكون من اولى الاولويات اجندة عمل كل القوى السياسية بقطع النظر عن كونها مشاركة في العملية السياسية او معارضة لها ، فيجب ان يكون الدم الذي يجري في عروق كل العراقيين بشتى انتماءاتهم دماً مقدساً مصاناً وفوق كل المصالح والانتماءات .
سيداتي وسادتي … لقد سارت العملية السياسية بخطى ثابتة على طريق الديمقراطية وبناء الوطن على مبدأ المشاركة والتعاون بين مختلف ابنائه ، واتفقت اغلب الكتل السياسية على برنامج عمل وحكومة الوحدة الوطنية والوفاق الوطني التي ضمت بين جوانحها اغلب اطياف الشعب من مختلف مشاربه وانتماءاته ، وعلينا كقوى سياسية وطنية دعم هذه الحكومة التي ولدت من رحم الشارع العراقي وخرجت للنور بعد مخاضات عسيرة اثبتت خلالها انها ذات ارادة خصبة لا تلين في سبيل تحقيق عزة العراق وكرامة ابناءه وانها تتطلع بصبر وارادة ثابته قوية في بناء العراق واعماره وتوفير الامن وتقديم والخدمات للمواطن العراقي والنهوض بواقع العراق الجديد ودفع عجلته الى الامام ليأخذ مكانه وحيزه بين الامم والشعوب .
اننا في مجلس النواب نتطلع الى ان نكون ركناً اساسياً وعنصراً فاعلاً في مشروع المصالحة الوطنية ، ولقد عقدنا العزم بأن لا ندخر جهداً في تقديم الدعم لهذا المشروع النبيل الذي ينم عن مدى الروح الوطنية وروح التسامح والاخوة التي نحن بأمس الحاجة اليها في هذا المنعطف التاريخي . وادعو اخوتي واخواتي في مجلس النواب الى ان تتظافر جهودهم وان يشحذوا هممهم وان يقفوا صفاً واحداً في سبيبل انجاح هذا المشروع المبارك .
ان وحدتنا الوطنية وتكاتف ايدينا هي قوة وعزة لنا ، وما يحصل من قتل وتهجير وسفك لدماء الابرياء ما هو الا محاولات خبيثة تقف ورائها جهات دخيلة على مجتمعنا تهدف الى اضعافنا وتشتيت كلمتنا لكي نكون لقمة سائغة لمن يريد ان يتسلق على اكتافنا ويسقي زرعه بدمائنا ،فلنوحد كلمتنا ونصالح انفسنا وونبذ كل انواع العنف والارهاب ونستنكر اي قطرة دم تسيل على ارضنا ونعمل يداً واحدة لكي نبني ونعمر بلدنا . لقد اجتمعنا في هذا المحفل لكي نطوي صفحات الماضي بما تحويه من الم وشقاء ونبدأ حياة جديدة سمتها الوحدة وشعارها الوطن ، فنحن نعيش نقلة سياسية نادرة ومنعطفاً تاريخياً ستنقلنا الى واقع جديد وعلينا ان لا نظيع هذه الفرصة فنحن جميعاً بكل تنوعاتنا اهل العراق ونحن الذين نرسم بأيدينا مستقبل هذا الوطن.
ختامناً ادعو الله تبارك وتعالى ان يجعل التوفيق والنجاح حليف هذا المؤتمر وان يكون هذا اللقاء المبارك الذي يضم مختلف القوى السياسية العراقية وان يسفر عن توصيات وقرارات تصب في مجملها في صالح العملية السياسية التي انطلقت من ارادة الشعب وفي صالح امن العراق وازدهاره وتقدمه وحلول السلام والتآخي في ربوعه كافة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته