كلمة السيد رئيس المجلس بمناسبة افتتاح الفصل التشريعي الثاني من السنة الثانية للدورة الأولى لمجلس النواب

بسم الله الرحمن الرحيم
وقل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنين
صدق الله العظيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و على اله و صحبه و من والاه و سار على هداه وسلم تسليما كثيرا
الأخوات والإخوة أعضاء مجلس النواب الأفاضل…
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته…
بسم الله و على بركته نبدأ إعمال الفصل التشريعي الثاني لمجلسنا في دورته الخريفية في ظل ظروف بالغة الدقة و التعقيد يمر بها بلدنا العزيز و عيون العراقيين ترنوا أليكم للنهوض بمهامكم التاريخية في تحقيق أمالهم و تطلعاتهم في الوحدة و التحرر و الأمن والسلام و الحياة الحرة الكريمة.
لقد عانى شعبكم الصابر طيلة السنوات الأربع الماضية و تحمل الكثير نتيجة انعدام الأمن والخدمات و ابسط مستلزمات الحياة، مما يتوجب علينا جميعا أن نكون بحجم المسؤولية و أن نحشد كل الطاقات باتجاه خدمة هذا الشعب و إنهاء معاناة أبنائه و أن نستحضر دائما قوله تعالى: (قفوهم أنهم مسؤولون) فالأمانة كبيرة و الأكبر الوفاء بها و إن شاء الله انتم جديرون بالوفاء.
إن أمام المجلس مهام كبيرة و مشاريع و قوانين و قرارات خطيرة يجب أن ينجزها على أكمل وجه بما يخدم العراقيين و يصون كرامتهم و مستقبل أجيالهم، و من هنا بات لزاما علينا أن نكون ممثلين حقيقيين لكل الشعب العراقي و أن نجرد المجلس من عباءته الطائفية التي أثرت سلبا على أدائه و أضعفت دوره كثيرا و أن نعمل ما بوسعنا على تفعيل لجان المجلس و تطوير أدائها بما يعزز دوره التشريعي و الرقابي و يسهم في ترسيخ دعائم التجربة الديموقراطية التي يشهدها العراق.
أيها الأحبة،
إننا مدعوون لتحكيم و تغليب لغة العقل و المنطق و الحوار على لغة العنف و القتل و التعسف لمصلحة من تهدر دماء الأبرياء و تحز الرقاب و تهجر العوائل الآمنة من بيوتها و تنتهك حرمات بيوت الله تعالى و تهان المقدسات؟ إن الدول و المجتمعات الراقية لا تبنى إلا عبر القوانين و المؤسسات الدستورية و القضائية السليمة و القوية.
اخواتى، اخوانى
من المهم جدا إن نجد و نجتهد للارتقاء بأدائنا إلى مستوى المسؤولية و الثقة التي منحنا إياها شعبنا العزيز و لاشك أن في مقدمة مسؤولياتنا و كما أكدنا و اشرنا في أكثر من مناسبة هي الملف الامنى.
وفى الوقت الذي لا يساورنا أدنى شك بان الإرهابيين و القتلة المجرمين لن يفلحوا مهما تكبروا و تجبروا و أوغلوا في القتل…. ينبغي علينا اتخاذ جميع الأسباب المؤدية إلى دحرهم و القضاء عليهم و في مقدمة تلك الأسباب التمسك بوحدتنا و أخوتنا و وطنيتنا و محاربة النعرات الطائفية و العنصرية و عدم مهادنة عصابات القتل و الأجرام و فضحهم بغض النظر عن انتمائهم و هويتهم. و إننا إذ نركز على المشكلة الأمنية فذلك لأنها العقبة الكؤود في طريق حل و معالجة جميع الملفات الأخرى و أن استمرار انعدام الأمن و الاستقرار و الخدمات سيضعنا في وضع لا نحسد عليه أمام أبناء شعبنا و من حق شعبنا أن يتساءل وهو يرتجى الخير فينا ما الذي قدمناه له؟ إنها أمانة كنا قد اقسمنا على شرف تحمل مسؤوليتها أذكركم بقول رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم: كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته،
أيها الزملاء الأعزاء…
لا يخفى على احد منكم أن هناك عقبات خطيرة تعترض العملية السياسية في بلدنا و لعل أبرزها فشل الحكومة في القيام بمهامها مما افقدها شرعية الإنجاز حيث لم تستطيع أن تحقق البرنامج الذي تعهدت به كحكومة وحدة وطنية.
وبغض النظر عما يطرح من رؤى و مشاريع مستقبلية فإننا بحاجة إلى إجراءات سريعة على الأرض و ضمن الدستور لانتشال العراق من الهوة السحيقة التي انحدر إليها، و لعل الحل يكمن في حكومة إنقاذ دستوري تعتمد في تشكيلتها على وزراء مستقلين (تكنوقراط)… من ذوى الاختصاص و الخبرة و الكفاءة ليكون انتمائهم الأول و الأخير للعراق و ليس لهذا الحزب أو تلك الكتلة و لا لإرادة خارجية مهما كان مصدرها و أن تكون هذه الحكومة مبنية على أساس النوع و ليس الكم في عدد أعضائها لتكون فاعلة و بعيدة عن الترهل.
إننا بهذه المعالجة الآنية لا نريد أن نغلق الطريق أمام اى مشروع وطني يمكن أن يشكل حلا لإنقاذ العراق مما هو فيه بل بالعكس يمهد الأجواء لإنجاح اى مشروع من هذا النوع و نقدم المساندة له لان هدفنا جميعا هو بناء تجربة ديموقراطية رائدة تأخذ بايدى العراقيين إلى بر الخير و الأمان و التقدم و الازدهار.
و لا يفوتنا هنا أيها الإخوة أن تقف عند معاناة إخواننا المهجرين في داخل العراق و خارجه و أن نطالب باسمكم الحكومة العراقية باتخاذ الإجراءات الكفيلة بعودة المهجرين في الداخل إلى بيوتهم و ضمان أمنهم و سلامتهم و تعويضهم عما لحق بهم من إضرار مادية ومعنوية…. كما و نطالب الحكومة بالتدخل لدى دول الجوار لتحسين معاملة العراقيين لاجئين و مهجرين و رصد الأموال اللازمة لتامين احتياجاتهم و تخفيف معاناتهم و هذا اقل ما يمكن أن نفعله اتجاه أهلنا في المهجر.
أيها الإخوة الكرام،
نحن الآن في شعبان و يليه الشهر الفضيل و نحن نناشد كل العراقيين بحرمة هذه الأيام المباركة أن يتوحدوا و أن يترحموا فلا خيار لنا غير هذا الوطن و لا قيمة للإنسان إلا بأهله و نعاهدكم بأننا سنكون و سنبقى سندا لكم، هذا واجبنا و هذا ما وعدناكم به خلال فترة الانتخابات و وعد الحر دين و إننا من على هذا المنبر، منبر الشعب العراقي الابى ندعوا الجميع لدعم مشروع المصالحة والحوار الوطني لأنه مشروع الخير و السلام و الأمل و الطمأنينة لأننا جميعا حكاما و محكومين ليس لنا خيار سوى خيار النجاح السيناريو الأسوأ في تاريخ العراق الحديث نسال الله أن يجنبنا إياه بفضله و منه و حوله و قوته. و لنا في الصلح الحسن عليه السلام أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله و اليوم الآخر كما نناشد الدول الجوار أن تتق الله في حرمة الجوار و أن تساعد العراقيين على التراحم بينهم و ليس تمزيق وحدتهم و أن وجود عراق قوى هو حماية لهم و لحدودهم و لاسيما إننا نرتبط معهم بروابط عديدة في مقدمتها أخوة الدين و التاريخ و المصير و المستقبل.
أيها الإخوة ادعوا نفسي و ادعوكم إلى ممارسة أعلى درجات المسؤولية و المهنية و الموضوعية في هذا الفصل التشريعي خصوصا و إننا قد اجتزنا مرحلة التأسيس و وضع اللبنات الأولى لعملنا البرلماني الرائد و علينا أن نحسن البناء على هذا الأساس المتين و في النهاية اسأل الله تعالى أن يأخذ بأيدينا جميعا من اجل نصرة العراق و أهله و توحيد كلمته و توفير الأمان و الاستقرار لهم.
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.