كلمة السيد عدنان المفتي رئيس المجلس الوطني الكردستاني في جلسة مجلس النواب
ألقى السيد عدنان المفتي رئيس المجلس الوطني الكردسناني كلمة في جلسة مجلس النواب لهذا اليوم وفي ما يلي نص الكلمة
بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي الرئيس…
الأخوات والإخوة المحترمون من أعضاء مجلس النواب
أتشرف بإسم وفد إقليم كردستان بأن أتحدث إليكم وأشكركم على هذه الفرصة المتاحة لي في هذا الظرف الدقيق الذي نعيشه جميعاً.
نحن هنا وفد إقليم كردستان الذي يتألف من الكتل السياسية في البرلمان ويشكل أيضا التكوينات السياسية والقومية في كردستان، إضافة إلى أننا نتشرف بأنّ الأستاذ فاضل موراني سكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني معنا أيضا.
عقد خلال الأيام المنصرمة سلسلة من الاجتماعات للقيادة السياسية في كردستان، تلتها اجتماع في برلمان كردستان حضره رئيس الإقليم الأستاذ مسعود البارزاني ومسؤولي الاحزاب السياسية الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني وجميع الأحزاب المكونة أو التي لديها مشاركة في البرلمان والحكومة. درسنا في هذا الاجتماع الوضع المستجد نتيجة التهديدات التركية على الحدود مع كردستان العراق وخرجنا بموقف وخطاب موحد، وقد كلفنا نحن الحاضرون أمامكم بزيارة بغداد واللقاء بكم والتحدث إليكم مباشرة ووضعكم بالصورة من أن كردستان العراق أحزاباً وبرلمان وحكومة لديه خطاب سياسي واحد وموقف موحد وهو أننا نريد السلام ونريد الحوار ونريد الحل السلمي للازمة الحالية مع الجارة تركيا. بالتأكيد حضورنا هو من اجل أولاً: التأكيد على أننا جزء من العراق الديمقراطي الاتحادي وعلينا مسؤوليات، ولكننا أيضا نحضر هنا لنقول أولاً شكرا لكم على موقفكم النبيل والشجاع وهذا القرار الذي اتخذتموه لمواجهة هذه الأزمة، ولا نعتقد أن هذا الموقف النبيل الذي عبر عن آرائكم يختلف عن الموقف الذي لدينا، وهو الموقف نفسه الموقف الوطني المسؤول الذي يحمي الشعب العراقي ويريد السلام ويحقق الأمن دون أن يظلم أحداً.
نريد أن يسمع العالم جميعا من خلال هذا المنبر الذي يعبر عن إرادة الشعب، أنّ الشعب العراقي بكافة تكويناته وقومياته لديه صوت واحد وهو الذي يعبر عنه هذا المجلس النبيل الذي نشترك في هذه الجلسة معه وهو صوت الدفاع عن الحق والتعبير عن إرادة الشعب الذي يرفض منطق الحرب والذي يريد السلام لنفسه وللآخرين، ولا يقبل أن يتدخل في شؤونه أحد كما لا نقبل لأنفسنا أن نتدخل في شؤون الآخرين.
نحن هنا لنؤكد على جملة مسائل مهمة أولاً: أنّ إقليم كردستان العراق جزء من العرق الاتحادي الفيدرالي، وأن أي تجاوز على الإقليم هو تجاوز على العراق، ليس من باب أن نحمّل مسؤوليتنا على الآخرين لكن هذه المسؤولية هي مسؤولية دستورية وهي مسؤولية حصرية للسلطات الاتحادية.
نتشرف بأننا جزء من هذه المسؤولية، صوّتنا لهذا الدستور بإرادتنا وأصبحنا جزءاً من العراق الجديد بإرادتنا، لدينا مسؤوليات ولديكم مسؤوليات، نحن نتحمل الجزء الذي يتعلق بنا، لا نقول نريد أن نحملكم الجزء لأنكم تحملتموه بقراركم وبإرادتكم وبمواقفكم لكن هذا الأمر وهذه الأزمة بحاجة إلى عمل دؤوب خلال هذه الأيام لدفع خطر الحرب الذي يدق قريبا من حدودنا. أمامنا أيام ننتظر اجتماعات مهمة ربما ستؤكد على مجريات الأمور لاحقا، الاجتماع الأول هو اجتماع وزراء خارجية الدول المجاورة للعراق الذي ينعقد في تركيا غداً أو بعد غد، ثم اجتماع منتظر بين رئيس وزراء تركيا السيد رجب طيب أردوغان والرئيس الأميركي وعلى الأجندة المسألة الحدودية مطروحة والأزمة التي نعيشها ونعاني منها، فعلينا أن نكون موحدين ليسمع العالم جميعاً، وقبل الآخرين المسؤولين في تركيا وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكل الدول المحبة للسلام أنّ العراق حكومة وشعباً بإقليمه في كردستان يرفع صوته داعياً إلى السلام وإلى الحوار، رافضاً منطق الحرب واجتياز الحدود بأية حجة كانت.
نحن نريد السلام مع تركيا ولا نسمح لأنفسنا بالتدخل في شؤونها، ونحترم سيادة أراضيها، هذا ما قلناه مراراً ونقوله أمامكم ولكننا أيضاً نريد من الآخرين احترام سيادة العراق، وأن لا يتدخلوا بالشأن العراقي، وهناك أزمة موجودة منذ أكثر من 25 عاماً وتحديداً منذ 1984 هناك قتال دائر يقوده حزب العمل وهذا القتال له تأثيرات سلبية علينا خلال السنوات المنصرمة، والكل يعرف أننا كنا لسنوات ضحية هذا القتال، وجربنا الحل العسكري، ولكن الحل العسكري نتائجه وخيمة ولم ينهي الوجود العسكري بل أضاف تعقيدات جديدة على القضية، ونعتقد أنّ التغييرات التي حصلت في العراق وفي المنطقة وفي العالم تستوجب منا أن التوقف والبحث عن حل آخر إذا كان هذا الحل متوفر ومتاح، والذي يستند إلى الحوار وإلى المنطق السليم وتحقيق السلام، وإذا سلكنا هذا الطريق وجدنا بأنّ طرف أي كان يرفض هذا المنطق ويرفض السلام ولا يلتزم بمنطق العصر الذي يرفض استخدام العنف وسيلة لتحقيق الأهداف عندما يكون لدينا حليف آخر نحن أيضا لا نؤمن بأنّ العنف سيحل قضايا الشعوب، ونعتقد أنّ الطريق مفتوح للحوار بالطرق الدبلوماسية والديمقراطية.
قلنا مراراً ونقول أمامكم لا نسمح باستخدام أراضي العراق في الهجوم على جيران العراق تركيا كانت أو إيران أو غيرها، لكننا لكي نتوصل إلى الهدف ينبغي علينا أن نبحث بكل السبل المتاحة، وقبل كل السبل ينبغي أن يكون سبيل الحوار والمفاوضات هو الأول في هذا الطريق، هذا الصوت الذي نرفعه هو صوت السلام يدعمه كل الخيرين ونأمل أن يساهم مجلسكم الموقر في هذا الاتجاه، وإيصال هذا الصوت بشكل أقوى من خلال مجلسكم. وفي اجتماعات في كردستان أكدنا أيضا أنّ حكومة إقليم كردستان مستعدة للوصول إلى هذا الهدف بالتنسيق الكامل مع السلطات الاتحادية، وعندما نقول التنسيق الكامل نعني الخطوات الواجب اتخاذها بدءاً بالمفاوضات والحوار، ومن ثم اتخاذ إجراءات واقعية للوصول إلى هذا الهدف.
هناك تواجد لحزب العمال في المناطق الحدودية الوعرة في جبال كردستان، هذا التواجد لم نخلقه نحن بل كان موجوداً عندما كان صدام قائماً، وكان موجوداً عندما كان هناك تعاون بين النظام البائد والسلطات التركية لملاحقتهم، وكان موجوداً بعد الانتفاضة. وكان هذا الوجود عقبة أمام حكومة إقليم كردستان، وقد حاولنا مراراً إنهاءه عسكرياً، لكننا الآن نقول أنّ الحل العسكري غير مجزي لحل الأزمة وأمر ربما مستحيل تحقيقه في ظل معرفة الأزمة والأجواء الموجودة في المنطقة الجبلية الوعرة، لا يمكن أن يكون الحل العسكري مجزياً كما لم يكن مجزياً للحكومات المتعاقبة عندما كنا نواجه خلال عشرات السنين السابقة. لا أريد أن أقارن نضالنا بأي نضال آخر لكننا نقول خذوا تجربتنا وكفاية وقوع ضحايا أياً كانت.
الدعوة إلى السلام هي الدعوة الشريفة، وينبغي أن نتهيأ لها جميعاً ولذلك أطلب من مجلسكم الموقر أن يعمل بشكل دؤوب من أجل هذه الدعوة ووصولها إلى كافة الأطراف ومنها جامعة الدول العربية ومنظمة الدول الإسلامية والأمم المتحدة. نحن مستعدون كما قلنا لكم أن نعمل معا خلال هذه الأيام المهمة الباقية قبل هذه الاجتماعات المرتقبة وسوف يكتب التاريخ لكل من تسبب في خدمة السلام ودرء خطر الحرب، وانتهز فرصة وجودي أمامكم لكي أقول كلمة أخرى في موضوع مختلف وهو موضوع العلاقة بين برلمان كردستان ومجلس النواب العراقي، ينبغي أن ننظم هذه العلاقة وقد تحدثنا مع وفد من مجلس النواب برئاسة الشيخ العطية عندما عقدنا في أربيل لدراسة مسألة الديمقراطية والفيدرالية كتبنا نقاط وبروتوكول لكي يكون أساس للعلاقة بيننا وبينكم.