خلال مشاركته في المؤتمر العام لاتحاد علماء المسلمين في العراق النائب الأول لرئيس مجلس النواب الشيخ خالد العطية يلقى كلمة بالمناسبة

 

عقد يوم امس ببغداد المؤتمر العام لاتحاد علماء المسلمين في العراق وبحضور اكثر من ثلاث مائة من رجال الدين وممثلي المراجع ، والقى النائب الاول لرئيس مجلس النواب الشيخ خالد العطية كلمة بهذه المناسبة دعا فيها علماء الدين الى مضاعفة الجهود لابراز الوجه الحقيقي للاسلام وتجسيد مبادئه السمحاء التي تدعو الى السلام والاعتدال ، واكد ان الارهاب بات يلتقط انفاسه بصعوبة بعد ان خسر معركته في العراق مطالباً علماء المسلمين ان يلعبوا دوراً ريادياً تجاه القضية المصيرية التي تمس شعبنا وامتنا وبارك سماحته جهود العلماء المسلمين في تأسيس اتحاد علماء المسلمين في العراق مشيراً ان هذا الاتحاد سيكون عاملاً اساسياً في وحدة صف ابناء الشعب العراقي وفيما يلي نص الكلمة :

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد سيد المرسلين و على آله الطيبين الطاهرين و اصحابه الميامين.

 

السادة الحاضرين … السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

 

     يطيب لي في البدء ان اعرب عن بالغ السرور و السعادة بالتئام جمعنا المبارك هذا في اطار مشروع تاسيس اتحاد علماء المسلمين في العراق تجمعنا مشتركات الدين و التأريخ و الوطن.. و الحرص على وحدة بلدنا العزيز و كرامة و سلامة شعبنا الصابر، مبرهنين للعالم اجمع إخاء العراقيين و تعاضدهم في مواجهة كل التحديات و المصاعب .

 

ايها الاخوة الاعزاء….

 

       يتحمل علماء الدين المسلمون في هذا العصر اكثر من اي وقت مضى مسؤولية مضاعفة في إبراز الوجه الحقيقي للاسلام و تجسيد  تعاليمه و مبادئه السمحة التي تدعو للسلام و الإعتدال و إشاعة روح التعاون و التسامح و الإخاء سيما و نحن نعيش اليوم في عالم مثقل بالمشاكل و الاحداث و المواقف المتأزمة … في عالم إزدوجت فيه المعايير و غاب فيه الحوار البنّاء بين الاديان و المذاهب و الثقافات و نشبت فيه نزعات الكراهية و التحريض بأسم الدين و نجم فيه بأسم الاسلام قرن التطرف و الارهاب الذي عاث في الارض الفساد و سلب الامن والسلام في كل مكان حتى اصبح الاسلام قرينا للارهاب و بات اسمه حاضراََ كلما وقعت اعمال العنف و القتل العشوائي في اي مكان و على يد اي زمرة او عصابة، الامر الذي بات يفرض على علماء المسلمين جمع كلمتهم و توحيد جهودهم و تكثيفها في مواجهة هذا المد الظلامي الدموي و إنقاذ شعوبهم و مجتمعاتهم من خطره الماحق، فلطالما كانت فتاوى العلماء و كلماتهم و مواقفهم فيصلاً في حسم النزاعات و درء الفتن بل كانت هي الهادي و المنقذ في المواقف الصعبة و الخطوب الهوجاء بالنصح و الإرشاد و الموعظة الحسنة و توجيه الامة بما ينسجم مع التعاليم السماوية السمحاء و التذكير بنهج الانبياء و الاوصياء و مراجع الدين الصالحين فكانوا بذلك صمام الامان للشعوب الاسلامية على مر التأريخ.

السادة الافاضل….

 

لقد مر العراق بتجربة مريرة بعد سقوط النظام السابق حاولت فيها زُمَرٌ و جهات عديدة أن تخلق شرخا اجتماعيا من خلال زعزعة اللحمة الوطنية بين ابناء الشعب، فعزفوا على اوتار الطائفية و القومية والمذهبية في محاولة لشق الصف و إحداث الفتن من اجل حصد مكاسب سياسية و فئوية على حساب ارواح ابناء شعبنا و مستقبل بلدنا، فكانت آثار اعمالهم الاجرامية وخيمة سقط بسببها عشرات الآف الابرياء من النساء و الرجال … شيباً و شباباً…. من غير ان تُفَرِقَ يد الاجرام الآثمة بين عربي و كردي و تركماني منهم او بين شيعي و سني او مسلم او غير مسلم.. فلهب نار الفتنة لفح وجوه الجميع و لم يسلم منه احد، و من منطلق الشعور بالمسؤولية إنبثق مؤتمرنا هذا ليقول… لا خيار لنا إلا العودة الى احضان ديننا الحق الذي يدعو الى الإخاء بين المسلمين و ينبذ كل محاولات الفتن البغيضة……
لا خيار لنا سوى الوطن الموحد باراضيه و ابناءه، لا خيار لنا سوى ان يرى الشعب علماء المسلمين متوحدين و متكاتفين فيما بينهم ليكونوا قدوةً لهم و شوكةَ في جنب اعداء الوطن و الإنسانية.

السادة الافاضل….

 

ان الارهاب اليوم بات يلتقط انفاسه بصعوبة بعد ان خسر معركته في العراق و انكشفت حقيقة امره وإفتُضِحَ مبتغاه، و اصطدم بحقيقة هذا الشعب ذي الحضارة العريقة و التاريخ العتيد و الحاضر الصامد و الذي لم تنطلي عليه افعال الارهابيين و محاولاتهم لتشويه صورة العراق التي ينصهر فيها كل اطياف مجتمعه.

 

اننا اما تحديات كبرى لا يمكن تجاهلها، تتطلب منا عملا حثيثا و تخطيطا إسترتيجيا على كافة المستويات، يبدأ بالمعرفة الحقة التي تزيل الوهم و الإلتباس، و يمرّ بالتعارف و التواصل و ينتهي بالإعتراف بالآخر و تقبله و اعطائه مثل الحق الذي يعطيه كل منا نفسه، و ان نعالج بحكمة الاسلام كل القضايا و المعوقات التي تعتري مسيرتنا باتجاه خدمة الشعب و بناء الوطن، و يجب علينا كعلماء دين ان نلعب دورا ريادياً إتجاه القضايا المصيرية التي تمس شعبنا و امتنا و ان نتخلى عن نهج الاكتفاء بالنقد السلبي و نخرج الى ميدان المنافسة بإمتلاك القدرة و التأثير لإصلاح ما دمره الاشرار و منعهم من ان يوغلوا باعمالهم المجرمة، و ان نؤسس لمفاهيم الحوار الواعي و الديمقراطي الذي يهتدي بالتشاور و التفاهم و تقبُل الآخر، و ان نقف وقفة شجاعة بوجه الاعمال الاجرامية التي تستخدم الاسلام غطاءاً لها و نعتبرها من اهم تحدياتنا و نضعها في اولويات عملنا للقضاء على زمر الارهاب و الفكر الظلامي التخريبي الذي عاث في ارضنا فساداً و شوه بريق صورة الاسلام الناصعة.

 

و في الختام ابارك جهود العلماء المسلمين العراقيين في تأسيسهم لهذا الاتحاد الذي سيكون عاملاً اساسياً في وحدة صف ابناء الشعب العراقي و مثلاً اعلى لاخاء المسلمين بمذاهبهم كافة، و اتمنى ان يكون مؤتمرنا هذا خطوة فاعلة لخدمة ابناء الشعب العراقي، و انطلاقة قوية للملمة الشتات و وَئدْ الخلافات و حل المشاكل بين المسلمين… و التصدي لكل اعمال العنف و الاجرام من موقع مسؤولية العالم الرباني المصلح و المرشد و القائد و المربي، كما نامل ان يكون لهذا المؤتمر زخما قويا في ردم الخنادق الطائفية و القومية و المذهبية و دعم مشروع المصالحة الوطنية الذي تقدمت به حكومتنا الرشيدة و التقريب بين وجهات النظر و مد جسور التواصل و الثقة بين الفرقاء السياسيين بما يساعدهم على وضع المصلحة الوطنية و خدمة الشعب فوق كل إعتبار.

 

وفقكم الله لما فيه خير الامة الاسلامية و شعبنا الصابر العزيز.

 

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته….

 

المكتب الاعلامي -للنائب الأول لرئيس مجلس النواب

أرسل هذا المقال لصديق  أرسل هذا المقال لصديق    صفحة للطباعة  صفحة للطباعة