كلمة السيد رئيس مجلس النواب العراقي في جلسة افتتاح المؤتمر الثالث عشر للاتحاد البرلماني العربي
بسم الله الرحمن الرحيم
فخامة السيد رئيس الجمهورية المحترم
السيد رئيس اقليم كوردستان المحترم
اصحاب المعالي والسيادة رؤساء الشعب البرلمانية الكرام،
السيدات و السادة اعضاء البرلمانات والمجالس النيابية العربية، السيدات والسادة السفراء والدبلوماسيين العرب والاجانب السيدات والسادة الحضور الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* * *
بكل مشاعر الغبطة والسرور يسعدني ان ارحب بكم اجمل ترحيب في بلدكم الثاني عراق الحضارة والمجد والتاريخ، متمنياً لمؤتمرنا هذا كل النجاح في التعبير عن تطلعات شعبنا العربي في التضامن ازاء تحديات العصر وتهديداته المتواصلة
واسمحوا لي بهذه المناسبة ايضآ ان اوجه شكري وتقديري بشكل خاص الى صاحب المعالي المهندس عبد الهادي المجالي رئيس الاتحاد البرلماني العربي في دورته المنتهية على ما بذله من جهد مخلص ومتميز في قيادة الاتحاد وما حققه من انجازات سنحرص على مواصلتها بأذن الله.
كما أتوجه بالشكر الجزيل الى جميع الاخوة في اقليم كردستان – العراق ، رئاسات وكوادر ادارية، على كل ما بذلوه من اجل انجاح المؤتمر ، شعورآ منهم بأبراز وجه العراق الجديد بأحسن شكل . ولا يفوتني ايضآ ان اشكر السيد نور الدين بوشكونج والسيد امجد عبد الحميد وكوادرهما المتميزة في هذا المضمار.
ايتها الاخوات، ايها الاخوة.
ان النهوض بدور فاعل للبرلمانات والمجالس النيابية
العربية في قيادة الامة و الحفاظ على هويتها ازاء مخاطر الاستلاب الحضاري يتطلب منا وقفة جادة في البناء التشريعي والاداء الرقابي عبر اليات مطورة تسهم بشكل حقيقي وملموس في تحقيق اعلى درجات التعاون والتنسيق القانوني وتبادل الخبرات بين شعب الاتحاد.
لقد منّ الباري عز وجل ان كرمنا بقراركم منح العراق شرف استضافة (المؤتمر الثالث عشر والدورة الخمسين لمجلس الاتحاد البرلماني العربي)، الذي تحتضنه اليوم مدينة اربيل الجميلة، عاصمة اقليم كوردستان العراق ، نيابة عن العاصمة الام، بغداد العروبة والاسلام.
هي ثقة اجد ان من واجبي ان اشكركم، اصالة عن نفسي ونيابة عن مجلس النواب العراقي، بعد شكر الله تعالى، عليها.
هي مهمة أدرك، ويدرك معي اخوتكم واخواتكم في مجلس النواب العراقي، حجم مسؤوليتها التاريخية، ونحن نقف نوابآ عن ابناء امة تواجه من التحديات الداخلية والاقليمية والدولية مايجعلها عرضةً لابشع الاطماع والمخاطرالحضارية والاقتصادية والسياسية،
وما يضعها في منعطف تاريخي لا نملك الا ان نرتقي الى مستواه ونفهم ابعاده. انه منعطف علينا ان لا نتجاهل فيه تساؤلاً شعبياً عاماً من لدن ابناء الامة في مختلف اقطارها، يتردد في الشارع العربي وفي وسائل الاعلام عن دور مؤسساتنا النيابية عامة ، بل وحتى اتحادنا البرلماني العربي ، اذ ان هناك من يرى ان هذه مؤسسات لاتؤدي اي دور حقيقي في حياتنا العربية ، وانها مؤسسات شكلية هشة لن تقوى على مجابهة متغيرات الحياة المعاصرة ولا التحولات التي تمس مصالح الامة واجيالها القادمة. ولذلك فأني ادعوكم الى العمل على تفنيد هذه الادعاءات بالافعال لا بالاقوال
ايتها الاخوات، ايها الاخوة
ان من حق الشعوب ان تبحث عن آمالها في مجالسها النيابية التي ما كان لمعضمها ان يكون لو لم يخرج لانتخابها، من قرى الارياف وازقة المدن، المواطن العربي الاعتيادي، عاملاً كان ام فلاحاً، استاذا كان ام صاحب متجر، متعلماً كان ام امياً، رجلاً كان ام امرأة … وان الشعوب في الوقت الذي قد تخشى فيه انتقاد حكوماتها، وهي ظاهرة طاغية على الساحة السياسية في العالم العربي والاسلامي ، فانها لا تتردد في انتقاد المؤسسات التي يفترض انها تمثلها وتحمي حقوقها ومصالحها.
ايتها الاخوات ايها الاخوة ،
علينا ان نضع في حسباننا مسألة الحفاظ على المثل الروحية والانسانية التي يتحول العالم بدونها الى غابة تحكمها قوى الشر والجبروت والغطرسة وهذا الامر لايسهل ضمانه الا بتنسيق، ان لم نقل توحيد، التشريعات العربية، خاصة في جوانب الحياة العربية المتماثلة في اقطار الامة ومجتمعاتها، وان هذا الامر يحتل من الاهمية ، في نظرنا ، ما قد يستدعي تأسيس مركز قانوني مختص يرفد بما يحتاجه من كفاءات قانونية عربية قادرة على انجاز هذه المهمة الكبيرة.
ولا ننسى ان هذا الامر يتطلب صياغة مشاريع قانونية عربية تراعي تطور الحياة، وتقيم قاعدة تشريع عربية مشتركة تعكس مثل الامة وامالها وطموحاتها بما يحقق افضل صورة ممكنة للعمل العربي المشترك نحو الاستقرار والرخاء، اضافة الى مايتيحه النجاح في هذا المسعى من قوة ورصانة للموقف العربي على المستوى العالمي. وفي هذا المجال ايضاً، لانملك الا ان نولي اهتماما ً خاصاً للكفاءات العربية المتخصصة من ذوي الخبرة والنظرة الانسانية التي تستمد من هويتها العربية الاسلامية قوةً ومنعةً، والتي تتحسسُ نبض الانسان العربي ونطمئن الى قدراتها على احتضان ورعاية جيلٍ من الكفاءات النيابية الشابة التي نأمل ان توفر، بعون الله، قيادات تشريعية وسياسية واعدة لمستقبل عربي ارقى و ارحب.
واننا في هذا النهج، ايتها الاخوات ايها الاخوة، ينبغي ان نؤكد حقوق الانسان العربي في رفضه سياسة الاستحواذ التي تفرضها القوى الدولية النافذة والطامعة في أمتنا العربية الاسلامية . وهنا لانملك الا ان نكون مثل آلة موسيقية، اوتارها قيمها ومثلها المستوحاة من الاسلام العظيم ومن فكره الوسطي الانساني الرائد، فان نزعت عن هذه الالة الموسيقية اوتارها، استحالت خشبة ميتة تصدر ذات الصوت الناشز لكل من يطرق عليها.
لقد كانت امتكم ذليلة، ايها الاخوة وايتها الاخوات، فأعزها الله بالاسلام الخالد الذي لم يجعلها خير امة اخرجت للناس حسب، بل وكما يقول تعالى، “وكذلك جعلناكم امةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً” (صدق الله العظيم). والوسطية في منهجنا هي طريق الحق الذي يرفض الافراط في المواقف والشعارات ولايقع في التفريط بالمبادئ والثوابت ازاء متغيرات الحياة وتحديات العصر. وكلنا يعلم ان سياسات الافراط والتي مارستها العديد من الحكومات المتعاقبة في اقطارنا العربية، قد عادت بأمتنا الى مايمكن ان نسميه اجواء “داحس والغبراء” ، بينما يبقى علينا، نحن نواب الشعب، ان نعمل على ان نستنهض في الامة سابق عهدها الريادي المشرق، مؤكدين قيمها ومثلها التي تسقيها مجدآ من ماء الاسلام الطهور.
وانني لعلى ثقة، وفي ضوء المحادثات التي تشرفت باجرائها مع الاخوة رؤساء البرلمانات والمجالس النيابية العربية ، وبعد ان اطلعت على اوليات العمل في اتحادنا، وما تمخضت عنه ندواتنا المشتركة من مقترحات لتطوير وتفعيل عمل اتحادنا بما يفتح افاقاً جديدة ويوفر ظروفاً افضل لتحقيق اهدافنا ومعالجة ما نواجه من مشكلات لا تنسجم وامال الامة وحاجاتها ، ان ماسنبذله من جهد وما نتمسك به من تضامن ينطلق من القناعة الكاملة بان العمل العربي المشترك، القائم على روح الوحدة والتكامل، هو السبيل الذي يكفل لنا الحفاظ على هويتنا الحضارية وتحقيق مصالحنا المشتركة في أمة آن لها ان تنهض بدورها العالمي وان تحتل ما تستحقه من مكانة دولية تناسب حجمها وامكاناتها وتليق برسالتها وتاريخها وذلك عبر المطالبة بوجود دائم لها في مجلس الامن التابع للامم المتحدة.
كما يتطلب منا الامر توطيد علاقاتنا الخارجية مع المنظمات البرلمانية الدولية كافة، ومتابعة قضايا الامة محليآ ودوليآ، الى جانب التضامن مع قوى الخير في العالم ومؤازرة حق الشعوب في تقرير مصيرها والسعي الى نصرة قضايا السلم العالمي وحقوق الانسان وحماية البيئة ومكافحة الارهاب وتشجيع مؤسسات المجتمع المدني على المستويين الداخلي والخارجي.
ان الاتحاد البرلماني العربي، ايتها الاخوات ايها الاخوة، يعيش الآن عقدهُ الرابع منذ تأسيسه في سبعينات القرن الماضي، وقد شهدت تلك العقود المنصرمة متغيرات عربية واقليمية ودولية كبرى جعلت من الضروري ان نعود بأنفسنا الى مراجعة الذات واللوائح المعمول بها في مجالسنا النيابية، ومن باب أولى في اتحادنا هذا، وهو ما نحن بصدده في هذا المؤتمر.
وأن هذا التوجه لا شك يتطلب تطوير عمل اتحادنا ودفق الحيوية في اجهزته وتحسين نظم العمل الداخلي فيه، وبما يرفع من مستوى الاداء العام فيه ادارياً وفنياً وقانونياً. وهذا مايدعوني الى الترحيب بما تضمنته وثيقة التطوير التي اعدتها الامانة العامة للاتحاد البرلماني العربي منذ فترة ، والتي تتضمن بين المشاريع المطروحة، مشروعآ يلقى منا الترحاب و الحماس بخصوص مقترح النهوض بمعهد التطوير البرلماني العربي الذي سيكون الضمانة العملية لتحسين الاداء والارتقاء بمستواه.
غير ان هذه المشاريع التطويرية لا تغني عن الاهتمام الجاد بمشروع اتحادنا الكبير لانشاء بناية مقره الدائم والتي ما زالت تنتظر استكمال مساهمات الدول الاعضاء في اتحادنا، وهو مشروع سنعمل على تحقيقه بعون الله وتعاون الجميع.
* * *
حدثتكم، ايتها الاخوات، ايها الاخوة، حتى الان عن بعض ما ينتضرنا من واجبات ومهام كمنظمة برلمانية عربية همومها الامة كلآ وليس هذا الجزء او ذاك تحديدآ.
غير اني عربي من العراق يتشرف برئاسة مجلس نوابه ولا يملك الا ان يختتم هذه الكلمة بشي عن العراق الذي ينهض الان من جديد، بعد عقود من الزمن اريد له خلالها ان يكون كبش فداء لاجندات اجنبية او طارئة اقل ما يقال فيها انها كانت في الضد من مصالحه… هذا هو العراق الجديد يعود بكل ارثه الحضاري والانساني ليطرق باب الزمن من جديد، وهو ان احتاج شيئاً فيحتاج منكم ان تسمعوه بقدر ما تحضنوه.
اكرر مرة اخرى شكري وتقديري لقدومكم لهذا المؤتمر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.