توضيح
يقوم المبعوث الخاص للحكومة التركية السيد – مراد أوزجليك بين الحين والآخر بأقحام نفسه في لقاءات جانبية وفردية مع السادة أعضاء مجلس النواب العراقي أو على مستوى الكتل السياسيه البرلمانية أو اللجان البرلمانيه مجتمعين أو فرادى ، ولكن مع الأطراف التي يقصد من وراء لقائاته التأثير أو أبلاغ رأي الجانب الذي يمثله للتأثير على قرار السادة المذكورين الذين يلتقيهم و بيان موقف حكومته ووجهات نظرها لهم للتأثير أو محاولة التأثيرعليهم ، ومحاور اللقاءات في معظمها تدور حول المناطق المتنازع عليها والحدود الأدارية لهذه المناطق وخصوصا” المادة 140 من الدستور العراقي الذي صوت له أكثر من أثنا عشرمليون مواطن عراقي والعمل على توفير كل جهد مهما كان حجمه للتأثير على سير العملية هذه وعرقلة مستلزمات أنجاح تنفيذ الماده الدستوريه وما يترتب عن تنفيذها من أعادة الحال الى ماكان عليه سابقا” وأحقاق حقوق جميع من تضرروا من عمليات التغيير الديموغرافي الشوفيني للنظام الديكتاتوري البائد في كوردستان خصوصا” وباقي مناطق العراق الأخرى عموما” .
ومن الملفت للنظر أن لقاءات السيد – أوزجليك هي أنتقائية لمحاولة التأثير على رأي أصدقاء الشعب الكوردي والمتحالفين معه قبل السقوط ومن بعد سقوط الصنم ، وكذلك مع الذين نحس – ونتمنى أن يكون أحساسنا هذا خاطئا” – بأنهم يعادون التطلعات المشروعه للشعب الكوردي دونما سبب أو مبرر يذكر في الوقت الذي يربطنا نحن الكورد والتوركمان والعرب الأصلاء – من أهل كركوك والمناطق محل النزاع – والكلدان والآشوريين والأرمن في مدينة كركوك والمناطق المتنازع عليها وفي أقليم كوردستان وفي العراق كله روابط ووشائج ومصالح وتأريخ مشترك وتقاسمنا الظلم والمر والحلو مجتمعين .
أن أجندة الحكومه التركيه أو بعضا” من أجهزتها في العراق معلوم وواضح جدا” أنهم يريدون أن يستعملوا بعضا” أخوتنا التوركمان ومقدراتهم مبررا” لتدخلاتهم غير المبرره في شؤونهم والشأن الداخلي العراقي وجعل قضيتهم حصان طروادة يمكنهم التسلل من خلاله ، والسؤال الذي يفرض نفسه وهو أين كانت الحكومه التركيه حينما كان التوركمان يتعرضون لأقسى أنواع العذاب والقهر والتطهير العرقي وسياسة التعريب من قبل النظام الديكتاتوري الصدامي ويعلَقون على المشانق أو يهجرون ويخرجون من ديارهم أو يجبرون على تغيير أنتمائهم القومي من التوركمانية الى العربيه خوفا” من البطش والتنكيل وأبقاءا” على مصير عوائلهم وأولادهم مجبرين ومرغمين خوفا” من سلخهم من بيوتهم وممتلكاتهم كما عملوها مع الكورد والكلدان و الآشورريين لـ – 35 سنة من حكمهم الأسود وقبضتهم الداميه على العراق ؟
أذا كان جوابهم بأنهم يدافعون عن أخوتهم التوركمان في العمق العراقي ، هل يقبلون بأن نتدخل في الشأن الداخلي التركي ونتكلم عن العمق الكوردي أو العربي أو الأرمني ؟ في الوقت الذي نريد بأن نبين للجميع بأننا نحن العراقيون نعرف كيف نحل مشاكلنا فيما بيننا ، ولن نقبل تدخلا” لأي كان فنحن لسنا بحاجة الى من نعلم أنه يريد تعميق الجراحات لاتضميدها !
أذا لم يكن كذلك ، لماذا لايطلب المبعوث أن يلتقي بكل مكونات مجلس النواب العراقي ومن بينها كتلة التحالف الكوردستاني ؟
أننا في الوقت الذي نعتبر تحركات المبعوث الخاص للحكومة التركيه تدخلا” في الشأن العراقي ومحاولة التأثير على مراكز القرار في مجلس النواب أو خارجه والأستفادة من طروحات ذوي النفوس المريضة التي تعادي تطلعات الشعب الكوردي دون سبب أو مبرر ، أو محاولة الترويج أو التأثير بتعطيل المادة 140 من الدستور العراقي .
ونرى من الممكن ان تجرى الأنتخابات في مدينة كركوك كباقي المدن العراقية الأخرى دون اللجوء الى خرق دستوري ووضع عراقيل غير دستورية لكي يأخذ كل مكون أستحقاقه ، وبعد الأنتخابات يتفقوا اهل كركوك على مايرونه مناسبا” لخدمة مدينتهم .
ومن الملفت للنظر في الوقت الذي يتعرض قرانا ومدننا الآمنه الواقعة على الحدود التركيه وحتى في العمق العراقي للقصف الجوي والمدفعي للقوات العسكريه التركيه والذي بدوره أدى الى الأضرار بالساكنين في قراهم جراء هذا القصف غير المبرر وغير المقبول على المواطنيين المدنيين والآمنين ، لم نتلمس أي موقفا” من قبل المبعوث الخاص لنقل أستيائنا حول الأعتداءات الواقعة على مواطنينا والعمل بأيقاف هذه العمليات العسكريه ضد المدنيين ، نراه يسرح يمينا” وشمالا”للتأثير أو التوجيه على الآراء الوطنيه لحل المعضلة العراقيه ، ونسي بأننا نحن العراقيون سنحل مشاكلنا وفق الدستور الذي يجمعنا معا” وبأيدينا نحن العراقييون أنفسنا دون تأثير أو توجيه من كائن من كان.
وكان الاجدر بالمبعوث الخاص بالحكومة التركية ان يأتينا بكل جديد يؤدي الى التعجيل بالمصالحة الوطنية وعدم تجسيد روح الفرقة والخلافات بيننا والعمل على تطوير العلاقات الثنائية للدولتين الجارتين يداً بيد لتعميق أواصر الجيرة الحسنة والأخوية وتأصيل العلاقات الثنائية التأريخية عن طريق القنوات الرسمية للحكومة العراقية والوقوف معنا للملمة بيتنا الواحد العراق ، لا بالتدخل غير المقبول في الشأن الداخلي للعراق والعراقيين خلافاً لأدنى مباديْ العمل الدبلوماسي والعلاقات الدولية.
عارف طيفور
نائب رئيس مجلس النواب العراقي
بغداد/ 11/ حزيران/ 2008