مؤتمر العالمي الأول للكفاءات والخبرات العراقية في المهجر يفتتح أعماله
بدأت الجلسة الإفتتاحية بقراءة آيات من الذكر الحكيم والنشيد الوطني العراقي، ثم القى النائب الأول لرئيس مجلس النواب رئيس الهيئة العليا للمؤتمر الكملة الإفتتاحية رحب فيها بالحضور من الكفاءات خارج العراق والسادة المسؤولين، واشار الى انه مهما تعددت المآسي التي مرت بالعراق العزيز يبقى لتغرّب أبنائه وهجرتهم خصوصية بالغة الأثر في حاضره ومستقبله ومرارة تتوارثها ذاكرة الوطن على مرّ الزمن، واعتبر الشيخ العطية حضور المغتربين وملتقاهم تجديد الأمل فيما فات العراق وأبناءه من فرص، واصفا خطوة المجيء بالخطوة العزيزة والإستجابة الشجاعة.
وأوضح النائب الأول لرئيس مجلس النواب ان العراق مر في العقد الاخير من القرن الماضي أسوء ما مر به في تاريخه الحديث حروبا وفقرا، قتلا وتشريدا، في حين شهد العالم المتحضر في التسعينيات تغييرات سياسية واقتصادية وعلمية هائلة، لكن العراق شهد اكبر موجات الهجرة للنخب والعقول حتى كادت معاهد العلوم وأروقة الجامعات والمؤسسات الحكومية تخلو من القائمين عليها، وعد ذلك بمثابة كارثة اودت بالمكانة العلمية التي كان يتميز بها العراق ويتفوق بها على أقرانه من دول الجوار. وتابع:” لقد حملت سنوات التغيير معها – بعد التاسع من نيسان عام 2003م- دورا إضافيا ودقيقا على عاتق الكفاءات العراقية، يتمثل في استحقاقات التحول الديمقراطي وما يتطلبه من تحولات موازية في المجالات الادارية والقانونية و الاقتصادية والاجتماعية والفكرية لا تقل اهمية عن التغيرات السياسية”. واضاف ان طريق العراق نحو الغد الديمقراطي المزدهر يكون ممهدا بجهود وتواصل وتفاعل الكفاءات في الخارج.
مشددا على ان هدف المؤتمر هو فتح أجواء حوارية بين الاطراف المعنية من جهات تشريعية ووزارات وهيئات ومؤسسات حكومية وكفاءات مهاجرة وخبراء ومختصين من الداخل والخارج، واكد ان مجلس النواب هو الخيمة التي تحتضن العراقيين جميعا، ولهذا قام بهذه المبادرة، وأشاد بدور الجاليات العراقية في المهجر، ودعى السلطات التشريعية والتنفيذية وبالأخص رئيس الوزراء وحكومة الوحدة الوطنية ان يجعلوا توصيات المؤتمر ومقرراته تحت عنايتهم ومحل رعايتهم لكي تكتسب ما ينبغي من زخم ولكي تضمَّـن نتائج الخطوات القادمة في مدخلات التخطيط للسياسة العامة للدولة، آملا ان تتكاتف جهود الجميع من اجل انجاح المشروع الوطني و تفعيل التواصل بين العراق وهذه الكوكبة المستنيرة من أبنائه.
بعدها القى السيد رئيس مجلس النواب الدكتور محمود المشهداني كلمة في المؤتمر اكد فيها ان لا مزايدة على احد في عراقيته، فكل ابناء العراق من الكوادر والنخب والكفاءات الذين هاجروا او هجروا كان العراق فيهم املا ووطنا رغم آلامهم وجراحاتهم، وتابع قائلا:”كم تمنيت لو ان سياسات الجهل والظلام التي شكلت مناخات وبيئات طاردة للعقول العلمية ان لاتكون، ولكن رغم هذا وذاك تظلون مصدر الابداع والافتخار والدهشة فانتم راس المال الرئيس للعراق”.
وبين ان هجرة الكفاءت حسب وصف منظمة اليونسكو هو نوع شاذ من انواع التبادل العلمي بين الدول يتسم بالتدفق في اتجاه واحد او ما يعرف بالنقل العكسي للتكنولوجيا، ويقصد به نقل العنصر البشري الذي يعد احد عناصر الانتاج.
واعتبر تهجير الكفاءات مأساة حقيقية كبيرة، وان السنوات الماضية كانت مرحلة عصيبة لانها مثلت مرحلة انتقالية كثرت فيها افرازات سياسية واجتماعية اقل ما توصف به انها كانت شاذة، واليوم نتطلع الى اعادة البناء والاعمار، بناء ما تهدم في النفس وازالة ما علق بها من امراض العصر المتمثلة بالطائفية والمحاصصة ومصادرة حق الاخر، واعمار ما دمرته بنادق الاخرين وبنادقنا لنسترجع عراقنا الذي نعرف ونحب.
من جانب آخر شكر السيد رئيس الوزراء نوري المالكي في كلمة القاها في الجلسة الإفتتاحية اللجنة المشرفة على عقد المؤتمر والسادة الحاضرين وعبر ايضا عن شكره وسروره بحضور المغتربين الذين حملوا حب العراق، وجدد في هذه المناسبة على مدى عمق التصميم والإرادة التي يحملها العراقيون من أجل اعادة البناء والإعمار في العراق، وشدد في كلمته على الإرادة الصلبة في التصدي للإرهاب الأسود، وقال:” رغم أننا واجهنا اشرس ارهاب وتحدي، كانت عقول وسواعد اخواننا في الداخل والخارج تتظافر جهودهم من أجل إعادة الإعمار”. وأضاف رئيس الوزراء: “ان عقد هذا المؤتمر يمثل خطا شغالا بيننا وبين إخواننا في الخارج الذين يفيدوننا كل يوم بمشاريع وتوجهات تتجه نحو عملية العودة، وهذا دليل النجاح ودليل التعلق بالعراق والإخلاص له.” ودعى الى إزالة الظروف التي دعت الى الهجرة والإبتعاد عن الوطن والعمل على إعادة الذين هاجروا العراق وإحترام والعلم والعلماء والكفاءات الذي لم يكن موجودا في زمن النظام الجاهل.
كما القى في الجلسة السيد عدنان المفتي رئيس المجلس الوطني لإقليم كوردستان العراق كلمة اشار فيها الى ضرورة العمل معا في بناء العراق الجديد القائم على اساس العدل والمساواة وقبول الآخر، مشددا على أن الإزدهار والتقدم لا يتحقق الا بمشاركة كل أبناء العراق في الداخل والخارج، موضحا أن الديمقراطية يجب أن تتحول من شعارات الى تطبيق، وقال:” نحن في العراق بدأنا مسيرة الديمقراطية من بناء مجتمع قائم على اساس العدالة والإلتزام بالدستور لأنه اساس التقدم”، كما ذكر بعض القوانين التي شرعها المجلس الوطني لإقليم كوردستان، وطالب الحكومة الإتحادية على إنجاح المؤتمر بالتواصل مع الكفاءات في الخارج من خلال تحسين أوضاعهم في السفارات وتسهيل عودة من يرغب منهم العودة الى الوطن.
بعد ذلك القى السيد محمد رضا محمد حسن ممثل رئيس الجمهورية في المؤتمر كملة رئيس الجمهورية، اشار فيها الى ان العراق اليوم بامس الحاجة الى عطاء ومواهب والخبرات المتراكمة للكفاءات العراقية وان حضورهم اليوم دليل اصالة وحرص على التواصل مع زملائهم الذين يواصلون العمل بجد ومثابرة في العراق رغم الظروف الصعبة التي مروا بها.
واكد على ترسيخ القيم التي ارسيت في الدستور، ومنها مبدا الدولة الاتحادية، والاقرار بان هذه الدولة تزداد مناعة بقوة مكوناتها، وان كلا من تلك المكونات يغدوا اقوى واكثر رسوخا بقوة الدولة الاتحادية، وهذه الدولة هي في واقع الحال انعكاس وتجسيد لواقع التعدد الموجود في بلادنا.
وتابع :”ان بوسعكم الاسهام بقسط وافر في اعادة بناء الدولة والنهوض باقتصادها، وعلى الدولة في المقابل ان توفر للعلماء والباحثين كل الظروف للعمل والحياة والابداع، وهذا لايقتصر على تامين امان السلامة الشخصية او السكن، بل يشمل توفير المختبرات ووسائل البحث والنشر وعقد الندوات العلمية وحرية الوصول الى المعلومات وتبادلها، وقبل كل ذلك ادراك اجهزة الدولة لاهمية العلم والبحث العلمي, ودور الكفاءات بوصفها محركات بالغة الاهمية في اعمال العراق الجديد”، وقدم رئيس الجمهورية مبلغا قدره خمسون الف دولار هدية منه الى المؤتمر.
من جانبها القت السيدة بيريوان مصلح ممثلة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في حكومة إقليم كوردستان كلمة تحدثت فيها على ما تعرضت له العملية التربوية والتعليمية في العراق من تدهور وإنحدار نتيجة للسياسات الخاطئة للنظام السابق والحروب التي خاضها، كما أوضحت انه على الرغم من صعوبة الوضع في إقليم كوردستان بعد عام 1991، الا ان الواقع التعليمي والتربوي توسع تدريجيا حيث يوجد ست جامعات حكومية وأخرى اهلية، ولخصت إستراتجية وزارة التعليم العالي في الإقليم بتطوير الهيكل الإداري والمؤسساتي والإصلاح في التعليم العالي وتحديث الجامعات والهيئات التقنية وتطوير مراكز البحوث العلمية، كما اشارت الى إنجازات الوزارة في العامين المنصرمين، وعدت إنعقاد المؤتمر بمثابة خطوة اساسية من خطوات تنفيذ قرارات وتوصيات المؤتمر العلمي العالمي الأول الذي انعقد في أربيل عام 2007، كما تطرقت الى المشاكل والمعوقات المعرقلة للمسيرة العلمية في إقليم كوردستان.
ونيابة عن مغتربي الكفاءات في الخارج القى الدكتور فرحان باقر كلمة في الجلسة وصف فيها عقد المؤتمر بانه لفتة كريمة من النائب الأول لرئيس مجلس النواب الشيخ خالد العطية، واكد ان هناك الالاف من الكفاءات المنتشرة في كل العالم ومن كلا الجنسين وفي مختلف فروع العلوم واطياف المعرفة، ودعى الى تنظيم الجمعيات والندوات للكفاءات والطاقات والتواصل مع لجنة مركزية في العراق لاعطاء المشورة وتبادل الزيارات.
وأخيرا قدم الدكتور عبدالمجيد حمزة نيابة عن الكفاءات العراقية في الداخل كلمة في المؤتمر، ثمن فيها الدور الجهادي والمرابطة العلمية للكفاءات العلمية العراقية في الداخل الذي تحمل العبء الكبير والمعاناة الشديدة، واشار الى استحداث الأقسام والكليات والجامعات بعد تحسن الأوضاع الأمنية وأكد أن الكفاءات العلمية في الداخل ترنو الى أخواتهم أصحاب الكفاءات العلمية في الخارج التي عدها ثروة وطنية والخزين العلمي الوطني الإستراتيجي، ودعى الى إستحداث قسم لرعاية الكفاءات العلمية في مركز وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
الدائرة الإعلامية
مجلس النواب العراقي
22/12/2008