كلمة الشيخ خالد العطية رئيس مجلس النواب العراقي وكالة في المؤتمر الخامس عشر للاتحاد البرلماني العربي .

نص كلمة الشيخ خالد العطية رئيس مجلس النواب العراقي وكالة في المؤتمر الخامس عشر للاتحاد البرلماني العربي .

2009-03-08
مسقط

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين وعلى آله الطيبيبن الطاهرين واصحابه المنتجبين …

صاحب السعادة ممثل جلالة السلطان قابوس بن سعيد المحترم
اصحاب السعادة رؤساء البرلمانات والمجالس العربية
الاخوة والاخوات اعضاء الوفود البرلمانية المشاركة في المؤتمر
اصحاب المعالي الوزراء
اصحاب السعادة اعضاء السلك الدبلوماسي

شالسيدات والسادة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في مثل هذا اليوم من العام الماضي احتضنت مدينة اربيل – عاصمة كوردستان العراق تظاهرة برلمانية عربية كبيرة تمثلت في انعقاد كل من الدورة الخمسين لمجلس الاتحاد البرلماني العربي والمؤتمر الثالث عشر للاتحاد ، ولقد اعتبرنا نحن في مجلس النواب العراقي ذلك الحضور المتميز للاشقاء العرب وقفة تضامن ومساندة للشعب العراقي واحتفاء بعودة البرلمان العراقي الى احضان الاتحاد البرلماني العربي بعد فترة غياب قسرية بسبب سياسات لا مسؤولة عكرت صفو العلاقات العراقية بأشقائه العرب وتركته في عزلة عن محيطه العربي والاقليمي والمجتمع الدولي ، وبعد ان نهض العراق من كبوة قاسية آلمت به نراه اليوم يعود الى الساحة العربية من اوسع ابوابها ليشارك اشقائه همومهم ويساهم بشكل فاعل في ان يكون جزءاً من الحل في كل القضايا والتحديات التي تواجه الامة ، لا يزال العراق رقماً هاماً في معدلة الامة العربية ، وسيبقى ان شاء الله عوناً لاشقائه في كل المحافل.

وها نحن اليوم نلتقي على ارض سلطنة عمان الشقيقة لنصل الماضي بالحاضر ونستشرف آفاق المستقبل في متابعتنا لمسيرة اتحادنا خلال عام مضى ، نلتقي على هذه الارض الطيبة وسط اخوة اعزاء احاطونا بكل اشكال الرعاية والتكريم ، فتحية من القلب الى اخوتنا في عمان ، سلطانا وبرلمانا وحكومة وشعبا ، على كل ما بذلوه ويبذلوه لانجاح لقائنا وتعميق توافقنا وخروجنا بالنتائج التي نرتضيها لانفسنا وترتضيها شعوبنا لنا ولامتنا التي قال عنها رب العزة ” كنتم خير امة اخرجت للناس” .

الاخوة والاخوات
ينعقد مؤتمرنا الخامس عشر في ظروف صعبة بالغة الدقة على جميع المستويات ، فنحن نواجه اوضاعاً خطيرة على الصعيد الدولي ، وعلى الصعيد الاقليمي وعلى الصعيد العربي ، وحتى في الساحات الوطنية في كل بلد من بلداننا ، نعيش في اجواء ما بعد العدوان الاسرائلي الغادر على قطاع غزة وعلى شعبنا الفلسطيني ، ذلك العدوان الذي فاق في وحشيته وشراسته فظائع النازية في الحرب العالمية الثانية ، وادى الى خراب ودمار شاملين ، والى آلاف الشهداء والجرحى ومنهم اعداد كبيرة من الاطفال والنساء والشيوخ.
واذا كان الصمود البطولي لاخواننا الفلسطينين في قطاع غزة قد حال دون تنفيذ اهداف العدو الغاصب وحرم العدو الهمجي من الاحتفال بالنصر الذي كان ينتظره ، فيجب ان لا ننسى ان الدرب ما يزال امامنا وعر لتحقيق ما يصبو اليه شعبنا الفلسطيني من تحرير للاراضي واعادة بناء ما خربه العدوان المتواصل ، وبناء دولة مستقلة ذات سيادة بعاصمتها القدس ، وعودة جميع فلسطينيي الشتات الى وطنهم واراضيهم واهلهم ، ولعلنا نتفق جميعا ان نقطة البداية والشرط اللازم لتحقيق هذه الاهداف المشروعة هي تحقيق وحدة الصف الفلسطيني ، تحقيق وحدة الارادة الوطنية الفلسطينية ، نبذ الخلاف والصراع وتوحيد جميع الفصائل الفلسطينية حول اهداف مشتركة ، وليس ذلك على الله بعزيز اذا ما خلصت النوايا ووضعت مصلحة الشعب الفلسطيني فوق كل المصالح الفؤية الضيقة.

واذا كانت القضية الفلسطينية قد احتلت موقع الصدارة في اوضاعنا العربية فأن عالمنا العربي يزخر بالكثير من الصراعات والتحديات التي تتطلب حلول وينبغي ان نواجهها بصفوف متراصه وارادة موحدة . فمن السودان الذي يواجه حملة شرسة تستهدفه .. الى الصومال التي ما تزال الصراعات المذهبية والفؤية تمعن في تمزيق اوصاله الممزقة اصلا بعد الانسحاب الاثيوبي .. الى لبنان الذي تطلق اسرائيل التهديد تلو التهديد في الوقت الذي يستعد فيه للانتخابات البرلمانية في ظروف دقيقة وحساسة ، فضلا عن الاعتداءات الارهابية التي تزرع الرعب والخراب في هذا البلد الشقيق او ذاك ، كل هذا يفرض علينا العمل الجاد والمسؤول لترميم الوضع العربي ووضع استراتيجية واضحة لمواجهة التحديات التي تتربص بنا في عالم لم يعد يعترف بالكيانات الصغيرة ، بل بالكيانات التي تحسن الاستفادة مما تملكه من قوى وامكانات . وكلنا امل ان يتمكن مؤتمر القمة العربية القادم من التوصل الى رأب الصدع العربي ووضع استراتيجية لمواجهة التحديات التي تواجهنا.

السيدات والسادة
ان التحديات التي تواجهنا باتت كبيرة في اطارها السياسي والاقتصادي ، فالازمات السياسية واضحة في بعض مفاصلها ولا نستطيع بصفتنا ممثلين عن الشعوب العربية ان نقفز عليها او نهرب منها الى الامام .. علينا التصدي لها والوقوف بشكل واضح ازاء كل منها ان كانت في فلسطين او العراق او السودان او الصومال او في اي مكان آخر في العالم العربي ولا يمكن لهذا ان يتحقق مالم تكن هناك رؤية استراتيجية واضحة لاهدافنا وقضايانا وان نشد على جراحنا لعبور الازمات والمشكلات.
ان مؤتمرنا هذا العام يمتاز عن باقي المؤتمرات السابقة .. فهو ينعقد والعالم اجمع يعاني من ازمة مالية خانقة غيرت كل موازين القوى الاقتصادية العالمية ، واثرت بشكل كبير على الاوضاع الاقتصادية في العالم العربي .. ورغم عمرها القصير الا ان تأثيرها كان كبيراً جداً دفع بمعظم الدول الى اعادة النظر في هيكلها الاقتصادي واضطرها الى دعمه بشكل مباشر خشية وقوع الانهيار المالي كما حدث في بعض الدول ذات الاقتصاد الهش والذي كان سبب في انهيار الهيكل الاداري والسياسي للدولة ، اننا نرى في هذه الازمة المالية العالمية تحدٍ كبير نقف امامه وعلينا فيما لو اردنا عبورها بسلام ان نضعها في اولوياتنا كون تبعاتها السلبية على اقتصاداتنا سوف تتفاقم بالاضطراد مع مرور الوقت وهي بالتالي سوف تهدد مستقبل بلداننا وشعوبنا وتطورنا، ان الاستقرار السياسي في كل البلدان ينطلق من استقرارها الاقتصادي والامني لذلك دأبنا دائماً الى الدعوة لحل كل القضايا بالطرق السلمية والدبلوماسية والتاون المشترك بين الاشقاء العرب على الصعيد السياسي والامني والاقتصادي بغية الارتقاء بالخطاب العربي ووضعه ضمن اولويات اهتمامات المجتمع الدولي والعالم.
نحن ننشد السلام الدئم لشعوبنا فندعو دائماً الى الحوار ونبذ العنف والاقتتال .. نحن نريد الرخاء لشعوبنا فندعو الى تعاون اقتصادي وتجاري واستثماري اوسع بين الاشقاء العرب لكي نخرج من الازمة المالية العالمية بأقل الخسائر .. نحن نريد لشعوبنا ان تكون اكثر ترابطاً وتآصراً فندعو الى تفعيل دور البرلمانات العربية وتعزيز التواصل فيما بينها لتتصدى لكل التحديات بصلابة وقوة تستمدها من عزيمة شعوبها التي منحتها الثقة وجعلتها في هذا الواجب الوطني الكبير.

السيد الرئيس
الاخوة والاخوات
يكتسب المؤتمر الخامس عشر لاتحادنا اهمية خاصة من حيث الحضور رفيع المستوى للمسؤلين البرلمانيين فيه ، وكذلك من حيث البنود المطروحة في جدول اعماله ، وهي جميعاً بجوانبها السياسية والبرلمانية المالية والتنظيمية تشكل وحدة متماسكة من شأن اقرارها واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها اعطاء دفعة قوية لمسيرة اتحادنا على جميع الاصعدة . كذلك فأن مؤتمرنا الحالي سيعطي تقيماً موضوعياً لنتائج التعديلات الهيكلية التي ادخلت على بنية الاتحاد التنظيمية وميثاقه التي اقرها مؤتمر اربيل . ستكون لنا مع هذا التطور الذي شهده اتحادنا وسنقول كلمتنا فيه بكل شفافية ، كما اننا سنضع الاسس لتنفيذ ما تبقى من اصلاحات وتطوير في بنية الامانة العامة والنشاط الاعلامي للاتحاد ، وهي جميعاً امور لن يستقيم عملنا ويعطي النتائج المرجوة منه بدون وضع اسس جادة تنسجم ومعطيات العصر وتسمح بتنفيذ المهام التي يطرحها الاتحاد امامه في جميع الميادين .

الاخوات والاخوة
ان رئاسة الاتحاد سوف تنتقل اعتباراً من هذا المؤتمر الى الشعبة البرلمانية العمانية الشقيقة ، واني على ثقة اكيدة بأن هذه الشعبة المعروفة بجديتها في العمل ، وبما يتمتع به رئيسها سعادة الاخ احمد بن محمد العيسائي رئيس مجلس الشورى العماني ، من حكمة وخبرة سوف تواصل قيادة اتحادنا الى شاطئ الامان ، وسوف تعمل على ان ترتفع راية العمل البرلماني العربي المشترك وان تكون وحدة الموقف للبرلمان العربي رائدها الدائم في اي نشاط يقوم به الاتحاد .
اتمنى لهذا المؤتمر البرلماني العربي الهام النجاح والتوفيق والوصول الى النتائج المتوخاة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرسل هذا المقال لصديق  أرسل هذا المقال لصديق    صفحة للطباعة  صفحة للطباعة