كلمة دولة السيد رئيس مجلس النواب بمناسبة منح الثقة لحكومة الشراكة الوطنية


      

بسم الله الرحمن الرحيم
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159(
صدق الله العظيم
في المنعطفات التاريخية الحادة , وعند اشتداد المحن ومدلهمات الخطوب , تستنهض الشعوب الحية الشجاعة مكامن الخير والشجاعة فيها لتصنع قدرها بنفسها , وتربا عن اقدار يهيئها لها الاخرون , فتمسك بناصية امرها , وتستوي على قرارها الوطني سيدة مختارة قوية . واليوم , وفي هذه اللحظة المهمة من تاريخنا , نقف هنا لننتصف لوطننا الجريح وننتصف لشعبنا الصابر المحتسب وننتصف لناخبينا الذين انتصفوا لوطنهم وانفسهم كل حسب خياره وقراره , ولنؤكد مرة اخرى عزمنا على بناء عراق حر ديمقراطي واحد موحد , ارضا وشعبا , تاريخا ومصيرا , حاضرا ومستقبلا , ولنعلن عن تشكيل حكومة جامعة مانعة باذن الله العلي القدير , جامعة لوحدة الشعب والوطن ومانعة لكل عوامل وعناصر فرقته وتمزقه , حكومة تنهض على فهم رصين لحقيقة ان الديمقراطية , نظاما وفلسفة وقواعد اجرائية , ليست وصفة جاهزة ممكنة التطبيق في أي زمان ومكان بعيدا عن ظروفهما الموضوعية ومعطياتهما الاجتماعية والفكرية , بل هي حاضنة جمعية يستوي في مركزها الرأي والرأي الاخر على قدر واحد من الندية الايجابية المتفاعلة والحريصة والمتناغمة واقعا وغايات وأفقا مع الديدن الجمعي باشاعة العدل والمساواة والفرص المتكافئة بين جميع ابناء الشعب والشراكة الحقيقية بين جميع الفرقاء لا شراكة الشعارات المرفوعة للاستهلاك الاعلامي والدعائي , شراكة تقوم على قاعدة اولى من قواعد النظم الديمقراطية الجادة , وهي قاعدة الفصل بين السلطات , فتحت ظلال هذه القاعدة تنشا التقاليد الديمقراطية وتترسخ وينمو البناء السليم ويشمخ , ابتداء من ضبط الممارسات الدستورية والية تداول السلطات بسلالة الى توسيع قاعدة الممارسة الشعبية في سلطة القرار.         ايها الاخوة الافاضل   اننا اذ نبارك باسم شعب العراق الحكومة الجديدة برئاسة الاخ رئيس الوزراء على نيل ثقة نواب الشعب , ونتمنى لها باخلاص كل النجاح في مهماتها والسداد في تطبيق برنامجها لخدمة الوطن والمواطن , يهمنا ونحن نمثل سلطة التشريع العليا في البلاد , التي تستمد قوتها وشرعيتها من سلطة الشعب الذي هو مصدر كل السلطات , ان نؤكد على جملة من الحقائق المهمة لعل اولاها ضرورة توسيع الافق الديمقراطي الشعبي , باحترام حرية تاسيس الاحزاب وممارسة التعبير عن افكارها والترويج لها وكفالة دعمها لتنمو نموا طبيعيا في حاضنتها الوطنية بعيدا عن أي نمو هجين دخيل غير طبيعي في افلاك وحاضنات غير وطنية , وضمان تنافسها الشريف في المراحل الانتخابية اللاحقة , ففي هذا وحده نضمن أمنا مجتمعيا ووطنيا حصينا , وفي السياق ذاته , نؤكد حتمية ايلاء الاعلام الوطني الحر المستقل اهمية اساسية اسهاما في اشاعة الوعي الديمقراطي بين ابناء شعبنا وانضاجه فلقد ادت الصحافة الوطنية والصحفيون العراقيون دورا كبيرا وتاريخيا في حماية الوطن والشعب من عبث العابثين وارهاب الارهابيين , وفي احقاق الحق ومناهضة الباطل , ودفعوا جراء ذلك دماء زكية طاهرة . وياتي في المقام عينه وجوب حرص الحكومة والدولة في جميع مفاصلها من الاعلى الى الادنى على احترام حقوق الانسان الاجتماعية والاقتصادية والمدنية والثقافية والعقائدية , وكفالة الحريات الفردية الشخصية والجماعية وحمايتها من أي اذى قد يدهمها من اية جهة كانت فلا سلطة في البلاد غير السلطات الثلاث ووفق محدداتها الدستورية . ومع تاكيدنا الدائم على الضرورة القصوى للتعاون والتكافل والتكامل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية , نجد من المناسب ايلاء رقابة السلطات على بعضها ورقابة الشعب على جميع السلطات الاهمية التي تستحق في اطار ان تكون تلك الرقابة ايجابية اصلاحية تقويمية ساندة لا رقابة سلبية ايقاعية مغرضة , رقابة تمنع الخطل والزلل وتقي من العثار والمزالق , وترشد الى الصواب والرشاد والعدل .           ايتها الاخوات الفاضلات ايها الاخوة الافاضل   مما لا شك فيه ان المرحلة التي نعتزم اجتيازها بعون من القادر القدير وبارادة واحدة من ممثلي الشعب وحكومته , هي من اشد مراحل تاريخ العراق تعقيدا في خضم تحديات ترمي الى تفتيته ومسخ هويته وتحويله الى جرم صغير يدور في افلاك هائلة القوة والسطوة دونما ارادة وطنية قوية وقرار وطني شجاع , ونحن نؤمن ايمانا لا لبس فيه ولا ايهام ان الحفاظ على وطننا باحترام تعدد مكونات شعبه من القوميات والاديان والمذاهب وضمان كامل الحقوق الدينية لجميع افراده وممارسة شعائره بكل حرية , ومراعاة مبدا حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية مع الدول الشقيقة والصديقة المجاورة , والتعايش السلمي وتبادل المنافع والمصالح والتعامل بالمثل مع جميع دول العالم , هي من مقومات السيادة الكاملة الاساسية التي نسعى الى استردادها كاملة غير منقوصة مع الانسحاب الاميركي نهاية العام المقبل , ولكننا لن نبلغ هذا  الامر ولن نكون بمنجاة من عواقبه اذا لم نعقد العزم جميعا على اكمال استعدادنا الحكومي والشعبي لتسلم الملف الامني , وهذا لن يتحقق دون اكمال جاهزية قواتنا المسلحة لتكون قادرة على مواجهة اية تحديات محتملة , داخلية كانت ام خارجية , ودون معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية كالبطالة والفقر والتهجير والتشرد معالجة شاملة كاملة تحول دون ان تبقى واحدة من مغذيات نمو الظواهر الارهابية والقمعية , وكذلك انهاء مظاهر عسكرة المجتمع , وحصر السلاح بيد اجهزة الدولة المختصة , ومعالجة انهيار ثقة المواطن بمؤسسات الدولة بحكم استشراء الفساد , واشهار الفساد والمفسدين امام الشعب وتقديمهم للقضاء كي يقول فيهم كلمة العدل والقصاص , وقبل هذا وذاك تعميق مسار الثقة بين جميع الاطراف السياسية واعتماد مبدا المكاشفة والمصارحة دونما استبطان امر واستظهار غيره , والاصغاء الدائم الى تطلعات الشعب وحل ازماته , وفي المقدمة منها توفير كامل الخدمات الاساسية له في مجالات التعليم والصحة والامن والكهرباء والماء والرعاية الاجتماعية وضمان حق الاسرة والمرأة  العراقية بحياة حرة كريمة بعيدة عن العوز والفاقة والتهميش الغير المبرر .       ايها الحضور الكرام   ان شعب العراق اذ يرحب بقرار رفع العقوبات الجزئي واذ يتطلع الى الرفع التام لها كأستحقاق طبيعي وقانوني وانساني، يشكر الاعضاء الدائميين وغير الدائميين في مجلس الامن الذين بذلوا مساعي محمودة لتحقيق هذا الانجاز الطيب، ويرنو شعبنا الى ان تفتح هذه الصفحة الجديدة آفاقا واسعة للتواصل الحضاري والانساني والعلمي والتقني والاقتصادي والصناعي والزراعي والصحي مع جميع الشعوب الحية الخيرة على قواعد ثابتة من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والمصالح والمنافع المتبادلة. وفي الوقت الذي يؤكد فيه العراق التزامه التام بماترتب عليه بموجب نظام العقوبات يدعو الدول الشقيقة والصديقة المعنية به وفي المقدمة منها دولة الكويت الشقيقة الى فتح صفحة جديدة وازالة كل اثار الماضي السيئة والشروع في مفاوضات جادة ورصينة لمعالجة كل القضايا العالقة بروح اخوية صادقة ونيات واضحة وصريحة وثابتة وحرص قومي مسؤول وشراكة حقيقية في صنع مستقبل افضل للمنطقة يسوده السلام والوئام واحترام الخصوصيات الوطنية لكل طرف ومواجهة التحديات المشتركة بالتآزر والتكافل المستمدين من تقاليدنا العربية والاسلامية.   ايتها الاخوات الكريمات ايها الاخوة الاكارم   اجدد باسم شعبنا وممثليه التهنئة الخالصة للاخ رئيس الوزراء والاخوة اعضاء حكومته على الثقة التي منحها لهم ممثلو الشعب متمنين لهم نجاحا وسدادا في اداء مسؤولياتهم بروحية الفريق الواحد , وسيكون مجلس النواب باذنه تعالى مؤازرا ومعينا لهم في تجاوز اية معوقات , وفاء للقسم , ووفاء لشعبنا الصبور ..   ومن الله الحي القيوم العون والتوفيق .   والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته