بيان صادر عن مكتب رئيس مجلس النواب
ايتها السيدات الفاضلات ايها السادة الافاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، والسلام على نينوى تاريخا مضمخا بالبدء والكبرياء والسلام على نينوى اهلا باذخين في الموقف وباذلين في العطاء ، والسلام على نينوى نخلة سامقة من نخلات نور العراق العصي على الانطفاء ولو كره الظلاميون ، والسلام على نينوى دارة العروبة ودريئتها، وبيت النسيج الاجتماعي الجميل والامين للعراقيين ، عربا وكردا وتركمانا ومكونات اخرى ، مسلمين ومسيحيين وايزيديين وشبكا. ايتها الفاضلات ايها الافاضل بين يدي نينوى، يقف المرء مأخوذا بتاريخها وحاضرها، بما انجزته لحضارة الانسان وما تنجزه الان للحفاظ على معاني الوطنية في اسمى تجلياتها، ومعاني القومية في امثل قيمها ومعاني الانسانية في انصع تطلعاتها، فمن هذه المدينة وعلى اديمها انطلق قبل اكثر من سبعة الاف سنة اول ركب حضاري على وجه المعمورة اذ طوع العقل الاشوري المبتكر الطبيعة لتخدم نموه الاجتماعي وسلامته وامنه وعيشه بعد ان كانت تعصف به تحولاتها فتعيث في امنه الاجتماعي هتكا وفي بنائه دمارا وفي سلامه اضطرابا وفي عيشه نغضا، فكان الاشوري، ابن نينوى الاول ، ومعلم الانسانية الذي لا يضارع في التحكم بالمياه وتنظيمها وحفظها واستغلالها استغلالا امثل وتسخيرها لازدهار حياته وتطورها.وبين يدي نينوى ، يستحضر المرء ذلك السفر التاريخي الكبير ، تاريخ الاعتداد بالنفس والمنجز الحضاري والمشروع الرسالي للمدينة واهلها ، وتاريخ الاعتزاز بالانتماء الى الاصل والجوهر منذ البطل القومي سنحاريب الى البطل ربيعة التغلبي ومنهما الى جميع التماعات الفروسية والتضحية في العصور الاسلامية والعصور اللاحقة حتى يومنا هذا، حيث يتنخى الاباة من اهل نينوى لرد غاشيات السوء ومدلهمات الاذى بصدور عارية الا من ايمانها بالواحد الاحد وبقدرها العراقي الجليل وبهويتها العربية الاصيلة النبيلة، ليس عن نينوى ودورها الوطني حسب بل عن العراق كله ودوره العربي والانساني.في نينوى ومن نينوى ايها الاخوة وايتها الاخوات تعلمنا ان الوطنية العراقية ليست جنسية تكتسب ولا شعارا يرفع انما هي ايمان ورسالة، ايمان بدور شرفنا الله جل وتبارك في علاه به، ورسالة نؤديها بكل اعبائها التاريخية، الروحية منها والمادية، ثم نسلمها لاجيال لاحقة تنهض بها كما نهضنا بها وكما نهض اسلافنا بها.وفي نينوى ومن نينوى تعلمنا ان العروبة ليست هوية بل دور استثنائي شرف الله به خير امة اخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤسس لحضارة يكون فيها الانسان كريما حرا ابيا سعيدا مؤمنا، غايتها الاولى.وفي نينوى ومن نينوى تعلمنا ان نصنع الحياة في الارض اليباب لا ان نستهلكها في عامر الارض، وان نعمدها بالجمال الروحي والاخلاقي والقيمي، وان نطوقها بالابداع العلمي والادبي، وان نتحكم ببوصلة الزمن لا ان تتحكم بنا تلك البوصلة، وفيها ومنها تعلمنا ان البيت امن ما توحد اهله، وان الدار محروسة باهلها الاسياد لا الاتباع، وان انتاج الحياة الحرة الكريمة لا يؤتيه الا ذو حظ عظيم في الشرف الوطني وفي الزهد وفي العفة وفي الايثار.فسلام على نينوى، المدرسة ، والرسالة ، والقبيلة ، والبيت وشمسها التي لا تغيب عن عراقها وعروبتها وانسانيتها الا كي تشرق ثانية. ايتها الاخوات الفاضلاتايها الاخوة الافاضل امام اهل نينوى في المقبلات من الايام معركة جديدة هي معركة البناء والاعمار كي تعود نينوى كما كانت من قبل قبلة لحجيج الثقافة والابداع والوطنية الحقيقية، ومزارا يؤمه المبتكرون والعلماء والمخترعون، ومضيفا يقصده العراقيون جميعا للراحة والاستجمام، فانهضوا بارك الله فيكم بهذه المعركة خير نهوض، وانتم اهل لها من قبل ومن بعد، وافرزوا الحجر الطيب من الحجر الخبيث كيما يبقى البناء شامخا ما تعاقبت الازمنة والدهور مثل شاخصات اشور التي تحطمت على اسوارها كل تحولات الطبيعة ولم تتحطم، واجتهدوا في ان تربأوا بانفسكم عن مهاوي الفساد الذي يضرب اطنابه في كل مفاصل الحياة العراقية هذه الايام بشكل يدعو الى الحزن الشديد والاسف المرير.ولتكن اداتكم الاولى في هذه المعركة هي وحدتكم ونسيجكم الواحد فلا فرق بين عربي وكردي ولا تركماني واشوري ولا بين مسلم ومسيحي الا بصدق الانتماء للعراق الواحد الموحد وطنا وشعبا وحاضرا ومستقبلا وتاريخا ومصيرا.واستمطروا ارضكم المعطاء خيرا فانها سلة زاد العراق، واستعيروا من هذه الارض العظيمة حكمتها الاثيرة في الجلد امام النوائب والصبر ازاء المحن ، فوالله مامن سلاح امضى من سلاح الصبر والمجالدة، وانتصروا لبعضكم وللعراقيين جميعا انتصار نبينا العظيم محمد صلى الله عليه وسلم لبني قومه بالمؤازرة التامة حين لزوم المؤزارة لكل فعل ايجابي بناء وبالنصح حين لزوم النصح لكل فعل سلبي هدام، فالاحرار المنتصرون لبعضهم دائما قاب قوسين او ادنى من حريتهم ولو طال اليها السفر وعظمت التضحيات.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته