كلمة الرئيس النجيفي اثناء لقاءه بعدد من المثقفين والقضاة والاكاديميين في محافظة النجف


      

بسم الله الرحمن الرحيم

( وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَة ذاتِ قَرار وَمَعِين )

صدق الله العظيم



والصلاة والسلام على اشرف الرسل والنبيين الرسول العربي الصادق الامين محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه اجمعين ومن تبعهم بالاحسان الى يوم الدين.


والسلام على النجف الاشرف منارة عليا من منارات التوحيد , ودارة ابهى من دارات الايمان والتقى , وخازنة لاتضارع من خازنات الاسلام والعروبة, وتاريخا شرفه الحي القيوم بالمكرمات ، وارضا اعزها القادر القدير بأطيب القبائل واكرم العشائر وأجل البيوتات.


السلام على النجف الاشرف دارة امير الايمان والزهد والشجاعة والتضحية والاباء سيدنا علي بن ابي طالب عليه سلام الله الذي اكرم وجهه فلم يتعبد لسواه ولم يسجد لغيره ، واكرم روحه فلم ينهل انفاس الرسالة الحرى وقيمها العليا ومعانيها الاسمى الا من اخيه وابن عمه ومؤتمنه على ذمته وداره وآله والمؤمنين النبي المصطفى.


عندما نقف في النجف الاشرف فاننا نقف في حضرة الايمان كله والاباء كله والمكرمات كلها، أفليست هي الربوة التي عناها الحق الاعظم في قوله جل من قائل (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَة ذاتِ قَرار وَمَعِين) وخصها بالمسجد وبالمعين الفرات حتى قال فيها سيدنا الامام جعفر الصادق عليه السلام (إن نفقة بالكوفة الدرهم الواحد يعدل بمائة درهم في غيرها، والركعة بمائة ركعة، ومَن أحبّ أن يتوضأ بماء الجنّة، ويشرب من ماء الجنة، ويغتسل بماء الجنة، فعليه بماء الفرات.


وأليست هي التي قال فيها سيد البلغاء والمتكلمين علي عليه السلام (وادي السلام، ومجمع أرواح المؤمنين، ونعم المضجع للمؤمن هذا المكان) وكان يقول( اللهمّ اجعل قبري بها) وقد شرف الله اهلها بسدانة رايته وقبره؟


ايها الاخوة العلماء والشيوخ الاجلاء
لم يكن النجفيون سدنة لضريح الامام علي عليه السلام فحسب ولم يكونوا سدنة على راية الاسلام فحسب ايضا بل كانوا سدنة للعروبة وللانسانية حيثما عبرت عن معانيها السامية افضل تمثيل، فعلى ارض النجف حفظ سر من اسرار العروبة وعنوان وجودها الاول وهو لغتها، لغة القرآن الكريم، ولغة اهل الجنة في يوم الدين، ومن ارض النجف انبثق نوابغ لغة العرب وفحول ادبائها وشعرائها، ومنها قام ابطال اهل العرب وبواسل عرينهم فنافحوا الغزاة والمحتلين والطامعين والكائدين حتى اعزهم الله بنصره وايدهم بجنود من عنده وكتب للنجف الاشرف كتاب الذود الشريف والسخي عن العروبة والاسلام، ولم يأت هذا الا من ان النجف امتداد لحضارة العرب قبل الاسلام وبعده فعلى اديمها انشأ النعمان بن المنذر حواضر المناذرة التي مازالت عنوانا من عنوانات السبق الحضاري العراقي في زمن كانت فيه البشرية تغط في ظلام وجهل وجاهلية.
واننا اذ نستذكر هذا فانما نمسك بالدرر النفيسات من تاريخنا ومجدنا ونعلنها كي تكون فنارا لهداية من لم يهتد، ولارشاد من امسكت الغواية بقلبه وعقله.
ولان ديننا النصيحة فاننا في الوقت الذي نسأل فيه حوزة النجف الشريفة وعلماءها الاجلاء ان تديم النصح لنا ، برلمانا وحكومة، وان تنعم علينا بنصحائها وارشاداتها كي نقوم سبيلنا ونسدد خطانا، نتوجه بالنصيحة الى الذين اخذتهم العزة بالاثم فحادوا عن طريق العدل والاستقامة والزهد والعفة فاوغلوا في الانحراف عن الدين والقيم والاعراف النبيلة واستعذبوا قتل النفس التي حرم الله تعالى، والسحت الحرام والفساد في بيت مال العراقيين الذي استؤمنوا على بعضه، ان يثوبوا الى رشدهم وان يتوبوا الى الغفار العزيز، ويجعلوا مما استؤمنوا عليه بذارا لخدمة الناس ورفع الحيف عنهم وانزالهم الحياة الحرة الكريمة دون جور العوز والفاقة ومذلة السؤال، وعليهم ان يعوا ان الله يمهل ولا يهمل، كما نتوجه بالنصيحة الى الذين مازال تلوب في قلوبهم غواية تقسيم الوطن الى امارات والشعب الى طوائف وملل ونحل تتنازع في مابينها او تتقاتل بالنيابة عن الاخر ، ان يثوبوا الى رشد الشعب الذي قال قولته اكثر من مرة ورفض نزعات التقسيم والتشطير والتجزئة، وعليهم ان يوحدوا الصفوف ويجمعوا الجهود من اجل وصول شعبنا الى بر الامان بعد محنة السنوات الثماني القاسيات، فالمسؤولية ان تصغي للناس وترعى شؤونهم وتقضي حوائجهم وليست المسؤولية ان تصغي للطائفة دون الشعب وللعرق دون الشعب وللحزب دون الشعب، وادعوهم جميعا من هذا المكان الشريف من مدينة رمز العدل علي بن ابي طالب عليه السلام الى ان يجعلوا من المسؤولية منبرا لخدمة الناس، باسكان من لاسكن له ، واغاثة المستغيث واجابة الملهوف وتشغيل العاطل واكرام الشيخ والارملة ورعاية اليتيم، وتسخير ثروات بلادنا وخيراتها لاعمار حقيقي لا لاعمار كاذب ، ولبناء اجتماعي وتعليمي وصحي وتربوي سليم لا لبناء مهزوز لاتلبث ان تعصف به اية ريح.
وادعو من هذا المكان الشريف ايضا الى ايلاء المصالحة الوطنية القدر الاعلى من الاهتمام فليس من الحكمة ولا من الديمقراطية ولا من الاسلام ولا من قيم العرب ان يستأثر بعض من العراقيين بخدمة الوطن وبنائه دون بعض ، وليس منها ان نسمع صوتنا ونهمل الصوت الاخر ونرجح رأينا ونغفل الرأي الاخر.
اللهم فاشهد
اللهم انا من ارض النجف الاشرف بلغنا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

***

المكتب الاعلامي


لرئيس مجلس النواب العراقي


10-2-2011