السيد رئيس مجلس النواب يشارك في مؤتمر البرلمانات العربية الثامن عشر في الكويت
وكان في استقبال سيادته والوفد المرافق له في مطار الكويت الدولي السيد احمد السعدون رئيس مجلس الامة الكويتي .
وعقد الوفد على هامش المؤتمر لقاءات مع عدد من رؤساء وممثلي البرلمانات العربية , كما شارك النائب يونادم كنا في الاجتماعات التحضيرية للمؤتمر ,وزار رئيس مجلس النواب السيد اسامة النجيفي سمو الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح رئيس الوزراء الكويتي السابق في قصر الشويخ، بحضور عدد من اعضاء الوفد العراقي وسفير العراق لدى الكويت واعرب الرئيس النجيفي خلال اللقاء عن احترامه و تقديره العالي لدور سمو الشيخ ناصر في توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين.
وأفتتح السيد احمد السعدون رئيس مجلس الامة الكويتي المؤتمر الذي حضره امير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد وعقد تحت عنوان (التضامن بين البرلمانيين العرب ) وحضره ثمانية عشر رئيس برلمان عربي وعدد من المنظمات والهيئات البرلمانية الاقليمية والدولية بصفة مراقب .
وألقى السيد اسامة النجيفي كلمة مجلس النواب العراقي في المؤتمر , نص الكلمة :-
بسم الله الرحمن الرحيم
كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله
صدق الله العظيم
ايتها الاخوات الفاضلات
ايها الاخوة الافاضل
احييكم واحيي من خلالكم شعوبكم الشقيقة والصديقة نيابة عن الشعب العراقي ومجلس نوابه واصالة عن نفسي، واتوجه بالتحية الخاصة الى الكويت الشقيقة اميرا وشعبا ومجلس امة وحكومة على العناية الطيبة التي احاطوا بها مؤتمرنا هذا وعلى الضيافة الكريمة التي شملوا بها الوفود المشاركة، سائلا الله تعالى ان يأخذ بايدي الجميع لما فيه خير امتنا ورخائها وسلامها ومنعتها.
ايتها السيدات والسادة
ينعقد مؤتمرنا هذا في منعطف حاسم في تاريخ وطننا العربي الكبير والمنطقة والعالم بأسره، وفي ظل احتدامات مقلقة وتوترات عاصفة لا تهدد شعوبنا فقط بل تهدد الامن والسلام العالميين معا، فاضافة الى الغليان الشعبي في بعض الدول العربية وافرازاته المنظورة وغير المنظورة وتداعياته الداخلية والخارجية، يتصاعد مستوى التأزيم في الملفات الساخنة والشائكة التي تواجه المنطقة بدءا من القضية الفلسطينية ومساراتها الحادة واصرار اسرائيل على المضي في برامجها التوسعية الاستيطانية الاجلائية واهمالها جميع القرارات الدولية، الى الملف النووي الايراني وتصاعد ذرا المواجهة الى حد التهديد بالحرب واغلاق المضائق البحرية، مما يضع المنطقة على فوهة بركان مدمر يعيد دوامة كوارث الحروب التي اكلت الكثير من فرص شعوبنا في التقدم والرخاء والاستقرار، كما قوضت فرص التكافل والتآزر والمحبة بينها، وحولت انعدام الثقة بين بعض دولنا الى قاعدة، وجعلت من الوئام القائم على الثقة استثناء نادرا، ولعلنا لا نغالي حين نقول ان من اهم التحديات الراهنة امام برلماناتنا هو قلب تلك المعادلة والعودة الى حيث اختارنا الله تعالى خير امة اخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله.
ومن الثابت اننا لن نبلغ غايتنا هذه ما لم نعالج التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه عالمنا العربي والتي تتمثل في المشكلات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها شعوبنا, حيث تعد قضايا الإصلاح السياسي، واستكمال مسيرة التحول الديمقراطي، وأوضاع حقوق الإنسان، ومواجهة التطرف والعنف الداخلي في البلدان العربية, من أبرز التحديات السياسية المطروحة بدرجة أو بأخرى داخل كل دولة عربية. ويقف الارهاب والتطرف والعنف الداخلي اشدها تأثيرا على الحاضر والمستقبل، بسبب من تأثيرها على مسارات التحول الديمقراطي والمحافظة على حقوق الإنسان، مثلما يعد اهمال حقوق الانسان واشتراطات التحول الديمقراطي الموضوعية الداخلية والعالمية حاضنة من اشد الحاضنات خصوبة لنمو وانتشار العنف.
ان الإصلاح السياسي والديمقراطية المخرج الوحيد من الأزمة الممتدة والشاملة، بما يضمن التطور السلمي لمجتمعاتنا ودولنا، بعد أن عاشت أكثر من نصف قرن في ظل أنظمة طوارئ حرمتها من الحقوق والحريات، وأضعفت هياكل المشاركة، وعانى المجتمع السياسي من تشوهات جوهرية وافتقار لآليات العمل السياسي الشعبي المنظم والسلمي.
ومن التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهنا قضيتا الأمن الغذائي العربي, والأمن المائي، فقد اصبحت سلة غذائنا مستوردة في غالبها، وتحولنا الى مستهلكين اكثر منا منتجين، مع ان شروط الاكتفاء الغذائي الذاتي العربي متوفرة لو اعملنا جهدا جمعيا مسؤولا في وضع سياسة زراعية موحدة تفيد من تنوع عطاء الارض العربية ووفرة العقول المبدعة والاموال اللازمة لنهضة مثل هذه، كما أصبحت أزمة المياه حاليا ورقة مهمة في الصراع السياسي والاقتصادي في المنطقة العربية، وربما ستكون فتيل الأزمة في نزاعات إقليمية ليست مستبعدة لو بقي نهج البعض مستمرا في التجاوز على الاستحقاقات التاريخية والجغرافية والقانونية لمصادر المياه.
أليس من المستغرب جدا, ايتها الزميلات وايها الزملاء, ان تنوء شعوبنا تحت وطأة البطالة والفقر وسوء توزيع الدخل القومي، أليس من المستغرب ان يعيش سبعون مليون عربي تحت خط الفقر ونستدعي الاستثمارات الاجنبية بينما رؤوس اموالنا العربية وثروات شعوبنا تحرث الارض وبحور العلوم لتنتج تقدما سريعا ورخاء هائلا في ارجاء اخرى من العالم؟
اليس من مسؤولياتنا التاريخية والقومية والانسانية ان نسعى مجتمعين لفحص جدي ومسؤول لاسباب ارتفاع معدلات البطالة التي هي محصلة لضعف الأداء الاقتصادي من ناحية، وسوء توجهات التنمية او تبعيتها او ارتهانها الى اقتصادات غيرية، وضعف مناهج المؤسسات التعليمية والتدريبية من ناحية أخرى، مما يستوجب إصلاحات اقتصادية عميقة تعالج الاختلالات البنيوية وفلسفات اقتصاداتنا وازماتها ومنها الديون الخارجية, حيث يواجه الاقتصاد العربي منذ مطلع التسعينيات ضغوطا وتحديات خارجية قوية للغاية، ذات أبعاد وتأثيرات مباشرة على مسيرة التكامل الاقتصادي العربي، وجاءت تلك الضغوط على إثر توجهات اقتصادية وسياسية لقوى دولية تسعى الى الهيمنة على مقدرات العالم المتقدم والنامي على حد سواء. وقد فرضت هذه التوجهات بيئة دولية جديدة نجمت عنها تحديات مضافة على العالم العربي للشروع في إصلاحات مؤسسية واقتصادية لتجنب سلبيات تلك البيئة؛ ولجني المنافع المتوقعة من التغيرات الحاصلة، والمساهمة في دمجها في هذه البيئة التي تسير نحو عولمة التجارة وتحريرها بطريقة تؤدي إلى مثالب في أداء الاقتصاد العربي, واستنزاف الأموال العربية لصالح العمالة الأجنبية من خلال الهجرة إلى البلدان العربية.
لهذا فاننا نكرر دعوتنا الى الاهمية الستراتيجية لقيام السوق العربية المشتركة التي تنهض على ثنائية الممكن والطموح في معالجة الازمات القائمة والسعي نحو التقدم بخطوات رصينة وثابتة وقوية.
ايتها الزميلات
ايها الزملاء
كما يواجه وطننا العربي, جملة من التهديدات السياسية والأمنية بتمظهرات داخلية وخارجية, تؤثر على عالمنا العربي في مجموعه؛ ولا يمكن لدولة بمفردها مواجهتها أو وضع حلول لها، لأنها تستلزم تضافر جهود وإمكانات مجموعة من الدول العربية أو كلها، لإيجاد سياسة مشتركة، بعيداً عن عوامل القطرية أو التفرد، ويبدو لنا ان اعادة نظر جدية في العمل العربي المشترك، على الاصعد السياسية والامنية والعسكرية والاستراتيجية، باتت ضرورة تاريخية لا مندوحة عنها، كي نقي وطننا وشعوبنا مخاطر وشرور لا تعد ولا تحصى، ونؤمن لنا فعلا دوليا مؤثرا لا متأثرا، وصانعا لقرار لا منفذا، ومنتجا لستراتيجيات لا مستهلكا، فليست بعيدة عنا واقعة عدم وجود تنسيق عربي فاعل حول مسألة العراق حفاظا على وحدة أراضيه، وتعميقا لمفهوم المواطنة العراقية بعيدا عن الانتماءات الطائفية، تلك الواقعة التي وضعت الامن العربي أمام خيارات ضيقة ومحدودة، كما ليس من الصعب تشخيص ان خطورة الموقف الأمني في الوطن العربي عامة وفي الخليج العربي خاصة تدعو إلى تجاوز الخطاب السياسي الإنشائي واعتماد الخطاب السياسي العملياتي الرصين الذي يضع كل الأطراف أمام مسؤولياتهم، كي لا تتحول الانفلاتات الامنية هنا او هناك الى اهتزازات إقليمية تعلو ذبذباتها وتهدد بكوارث لا سبيل الى معالجتها.
ان لغة الحوار تعد اليوم افضل الوسائل الانسانية والديمقراطية في فك الاشتباكات السياسية والامنية والاقتصادي.
وقد ادان البيان الختامي للمؤتمر «بشدة الجرائم التي ترتكب بحق الشعب السوري والتي ادت الى وقوع الآلاف من القتلى والجرحى المدنيين وشردت الآلاف من المعتقلين والمهجرين وينذر بالتحول الى حرب أهلية».
واعتبر المؤتمر ان «الحل السياسي هو الحل الأمثل للازمة الناشبة في سورية ويجب ان يمر هذا الحل عن طريق جامعة الدول العربية من خلال الوقف الفوري لكافة أعمال العنف والقتل ورفض التدخل الدولي والافراج عن المعتقلين والدعوة للانتقال السلمي للسلطة».
وحول مجلس التعاون الخليجي اعرب المؤتمر في بيانه الختامي عن قلقه «لاستمرار التدخلات الايرانية في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون في انتهاك لسيادتها واستقلالها» مطالبا ايران بـ«الكف عن هذه الممارسات والالتزام بمبادئ حسن الجوار والقوانين والمواثيق والأعراف الدولية».واكد المؤتمر دعمه «حق الدول في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية مع الالتزام والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية والتأكيد على الجهود المبذولة لحل أزمة الملف النووي الايراني بالطرق السلمية».
وأعرب عن رفضه «التهديدات بالحل العسكري للازمة النووية الايرانية وجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والزام اسرائيل بالامتثال للمواثيق الدولية ونزع السلاح النووي الاسرائيلي».
وفي الشأن الفلسطيني اكد المؤتمر ان «كل ما قامت به اسرائيل من انتهاك لحقوق الشعب الفلسطيني تتسم بالعنصرية تجاه الفلسطينيين وحقوقهم الوطنية والتاريخية».
ودعا الدول العربية الى «تفعيل المقاطعة العربية للكيان الصهيوني واتخاذ مواقف صارمة ضد الدول التي تساند وتؤمن له الحماية والدعم السياسي والعسكري والمالي» مناشدا المنظمات الدولية والاقليمية العمل على حماية القدس وهويتها.
واكد البيان الختامي تضامنه مع المملكة المغربية فيما يتعلق بمدينتي سبتة ومليلة المغربيتين واعرب عن ارتياحه للانجاز الذي حققه الشعب اليمني باتفاق القوى السياسية على نقل السلطة سلميا بحسب المبادرة الخليجية.
ورحب المؤتمر بالقرارات الصادرة عن مؤتمر لندن للمصالحة بين مختلف الأطراف الصومالية ومعتبرا هذه القرارات خطوة جادة على طريق حل الأزمة الصومالية مطالبا البلدان العربية بتقديم العون المادي الانساني والطبي العاجل الى الشعب الصومالي لمساعدته على مواجهة المجاعة المتفاقمة بسبب الجفاف المتواصل.
وفي الشأن اللبناني اكد المؤتمر دعمه «لاستقرار لبنان ووحدته وسلمه الأهلي وصيغة التعايش بين أبنائه اضافة الى مقاومته وتحركه السياسي والدبلوماسي لاسترجاع مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والجزء اللبناني المحتل من قرية الغجر».
وجدد دعم لبنان في سعيه لتنفيذ قراري مجلس الأمن الدولي رقم 425 و1701 والزام الكيان الصهيوني بوقف انتهاكاته للحدود السياسية للبنان.
وفي الشأن السوداني اشار المؤتمر الى دعمه ومساندته المتواصلة للسودان في مواجهة كل ما يتهدد سلامته ووحدته وأمنه واستقراره معربا عن تضامنه مع السودان في دعم سائر الجهود التي تبذلها حكومة السودان لإحلال السلام ووحدة أرضه وشعبه.
وعبر عن ارتياحه للتوقيع على وثيقة الدوحة لسلام دارفور داعيا الى تكاتف جهود جميع الأطراف للعمل على تنفيذها من أجل ارساء قاعدة متينة للأمن والاستقرار والتنمية.
واشاد المؤتمر بتطور العملية السياسية في العراق وخروج القوات الأجنبية من أرضه وعودة الاستقرار الى البلاد واستعادة العراق لمكانته على الأصعدة العربية والاقليمية والدولية كي يتمكن من تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والازدهار.
وحول الوضع العربي الراهن دعا المؤتمر البرلمانات العربية الى سن التشريعات التي تعزز الديموقراطية والحريات وحقوق الانسان والحكم الرشيد والشفافية وسيادة القانون والعدالة من اجل تحقيق أهداف الثورات والانتفاضات العربية في بناء دول حديثة.
كما دعا المؤتمر الى الاهتمام بترقية دور المرأة في البلدان العربية لاسيما المرأة البرلمانية والعمل على تمكينها وافساح المجال لها للمساهمة في مختلف الأنشطة البرلمانية مشيدا بقرار خادم الحرمين الشريفين بمشاركة المرأة في عضوية مجلس الشورى السعودي.
وطالب المؤتمر بضرورة سن تشريعات لحل مشكلة البطالة في الوطن العربي وتوفير فرص العمل للشباب.